واحة المفكرين – من هو عبد الله العروي؟

Laroui-528x330

نصر ح. – آش واقع؟

 


الدكتور عبد الله العروي، مفكر وروائي مغربي، من أنصار القطيعة المعرفية مع التراث “العربي/الإسلامي”، وضرورة تبني قيم الحداثة “الغربية” باعتبارها قيم إنسانية، يدافع عن التوجه التاريخي باعتباره معبرا عن “وحدة” و”تقدم” الإنسانية، وعن الماركسية في صورتها الفلسفية الحداثية.

ولد الدكتور عبد الله العروي بمدينة أزمور يوم 7 نونبر 1933، في مدينة أزمور المغربية، لعائلة كان لها سلطة ونفوذ بالمنطقة في القرن الـ19، لكن لم يبق لها إلا بضعة أملاك واسم أطلق على حي في المدينة (درب العروي)، وقد توفيت والدته وهو في سن مبكرة.

درس عبد الله العروي المرحلة الابتدائية والإعدادية في أزمور، ثم في مدينة مراكش، وحصل على البكالوريا في ثانوية مولاي يوسف بالرباط عام 1953.

وسافر إلى فرنسا لدراسة العلوم السياسية بمعهد الدراسات السياسية في باريس، وتزامن حصوله على الإجازة (البكالوريوس) مع حصول المغرب على الاستقلال.

واصل دراسته العليا ونال دبلوم السلك الثالث في التاريخ عام 1958، وحصل عام 1963 على شهادة “التبريز” (أستاذ مبرّز) في الإسلاميات.

ساعدته إقامته في الولايات المتحدة الأميركية -مدرسا (1967-1972)- على الاحتكاك بالثقافة الأنغلوسكسونية المبنية على التجريب والبراغماتية.

حصل عام 1976 في السوربون على دكتوراه الدولة عن أطروحة “الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية: 1830-1912”.

تقاعد عن التدريس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس في الرباط عام 2000 وتفرغ للتأليف والفكر.

الوظائف والمسؤوليات
شغل مناصب متعددة، إذ عمل أستاذا زائرا في عدة جامعات فرنسية وأميركية، ومستشارا ثقافيا في السفارة المغربية بالقاهرة وباريس، كما كان أستاذا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.

كلفه الملك الحسن الثاني بشرح أبعاد وأهداف معاهدة الاتحاد العربي الأفريقي مع ليبيا في صيف 1984. ونال عضوية أكاديمية المملكة المغربية في أبريل 1985، وعضوية المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في ماي 1990 إلى دجنبر 2002.

انشغل بهموم المجتمع والفكر رغم تقدم سنه، وسجل حضوره ومواقفه بقوة في القضايا والجدالات الكبرى التي تشغل المجتمع المغربي والعربي، وآخرها موقفه الرافض لمقترح استعمال اللغة الدارجة في التعليم، معتبرا إياها عملية انتحارية.

التجربة السياسية
عاش تجربة سياسية بدأت في صفوف اليسار، ورافق المهدي بن بركة فترة غير قصيرة، وسافر معه في إطار حركة عدم الانحياز إلى عدد من الدول الغربية.

كانت بصمته واضحة في صياغة تقرير “الاختيار الثوري” الذي قدّمه بن بركة للمؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية (حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) عام 1962.

ترشح في يونيو 1977 للانتخابات التشريعية في الدار البيضاء باسم حزب الاتحاد الاشتراكي، واختار بعدها أن يترك السياسة ويتفرغ للتدريس الجامعي وحقل الفكر والمعرفة، معتبرا أن من اكتسب تجربة سياسية عليه أن لا يحترفها لأنها ليست مهنة، متأثرا في ذلك بالتجربة الأميركية.

تركه للسياسة بالمفهوم الحزبي لم يحُل دون قيامه بأدوار سياسية في التسعينيات، من قبيل موافقته على تكليف الملك الحسن الثاني له بالاتصال باليسار الفرنسي عام 1990 و1991، واستثمار علاقاته القديمة معه لتجاوز أزمة توتر العلاقات المغربية الفرنسية حينئذ.

سعى لدى اليسار الأوروبي بشكل عام لإيقاف الحملة الإعلامية والسياسية على المغرب، ورافق الملك محمد السادس لما كان وليا للعهد في زيارات أفريقية وآسيوية وأوروبية.

المؤلفات
تجاوزت مؤلفاته الثلاثين واهتمت بالتاريخ والفلسفة والفكر والرواية والسيرة الذاتية، وهي باللغة العربية والفرنسية، منها “الأيديولوجيا العربية المعاصرة”، و”العرب والفكر التاريخي”، و”أزمة المثقفين العرب”، و”أصول الوطنية المغربية”، و”مفهوم الأيديولوجيا”، و”من ديوان السياسة”.

كتبت عن مؤلفاته عشرات المقالات، منها “المثقف الانتقائي بين الدولة والديمقراطية”، و”العقلانية السياسية في فكر عبد الله العروي”.

التعليقات مغلقة.