“الحملة الوطنية للثقافة”: هل من مهتم؟

طالما مثّل عزوف الجماهير عن الثقافة مشكلةً في المعادلة الثقافية العربية، جعلتها تدور في حلقة مفرغة: يبدأ الفعل الثقافي من المشتغلين به وينتهي إليهم، من دون أن يصيب في كثير من الأحيان فئات عريضةً يُفترض أنه مُوجّهٌ إليها بالأساس.

بالطبع، تقع المسؤولية على هذا الوضع على الجميع: المثقَّف المتّهم بالتقوقع في “برجه العاجي”، والمتلقّي العادي الذي يُؤخذ عدم اكتراثه بما يمت إلى الثقافة، على عكس اهتمامه بمجالات أخرى ككرة القدم مثلاً، والدولة التي تُتنقد لتركها المجال يسير خبط عشواء، من دون خطط واستراتيجيات واضحة ومحدّدة المعالم.

قد لا ينطبق ذلك على كل البلدان العربية. لكنه بالتأكيد، ينطبق كثيراً على الحالة المغربية. ويبدو أن استمرار هذا الوضع حدا مجموعة من المشتغلين في مجالات ثقافية وفنية مختلفة إلى التكفير في مبادرة يقولون إنها تهدف إلى تقريب الثقافة والفن من المواطن.

تحمل المبادرة، التي أطلقها المخرج السينمائي كمال كمال وعدد من المثّقفين، اسم “الحملة الوطنية للثقافة”، وتتمثّل في تشجيع المغاربة على قراءة ثلاثة كتب كلاسيكية والاستماع إلى عشرين مقطعاً موسيقياً كلاسيكياً، واكتشاف عشرين لوحة لكبار الفنّانين التشكيليين. ولوضع تلك الأعمال في متناول الجميع، أتاحت المبادرة تحميل من خلال موقع إلكتروني خاص بالمبادرة.

وبحسب المنظّمين؛ فإن المبادرة تنقسم إلى محطّتين أساسيتين؛ في الأولى، سيقوم عدد من الكتّاب والفنانين بمختلف مجالاتهم بجولة تشمل عدداً من كبريات المدن المغربية، بهدف “تشجيع سكّانها على تذوّق الفنون والآداب، وتحفيزهم على تسجيل أنفسهم في المسابقة الكبرى المقرّر تنظيمها في ختام المبادرة”.

في المحطّة الثانية، تنتقل المبادرة إلى وسائل الميديا؛ حيثُ تُبثّ على القناة الرسمية مجموعة من الحلقات لبرنامج يعتمد على أسئلة تدور حول الأعمال الأدبية والفنية محور المسابقة.

لم يعلن المنظّمون، الذين يقولون إنهم يطمحون إلى جعل المبادرة موعداً سنوياً، عن الطرق التي سينتهجونها من أجل “تشجيع السكّان على تذوق الفنون والآداب”. لكن الواضح أنهم سيعتمدون على التواصل المباشر مع المواطنين. كما تبدو الجوائز المخصّصة وسيلةً أخرى من وسائل هذا التحفيز.

يقول المنظّمون أيضاً إن المبادرة تحظى بدعم شخصيات أدبية وفنية بارزة، ومؤسّسات ومنظّمات غير حكومية، وهو أمرٌ قد يكون في خدمة الفكرة بلا شكّ. لكن، ربما، علينا الانتظار إلى النهاية لنعرف إن كانت النتيجة هي التفاف جماهيري حول الثقافة، أم مجرّد “شو” إعلامي قد يخلق حالةً من البهرجة، لكنه لا يغيّر شيئاً على الأرض.

التعليقات مغلقة.