الأول فالأول، منطق ديمقراطي عادل لتشكيل حكومة العثماني الجديدة ينسجم وروح الدستور المغربي

على اثر فشل أمين عام حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران في تدبير ملف تشكيل الحكومة وإقحام نفسه في مأزق “البلوكاج” السياسي بصراعاته البعيدة عن منطق السياسة وخطوطه الحمراء المتعددة، والتي لم ينفع معها أي حل ولم يلح معها أي اتفاق في الأفق، تدخلت رئاسة الدولة ممثلة في جلالة الملك باعتبارها الجهة المعينة إلى فسخ عقد التعيين، وتعيين شخصية أخرى من نفس الحزب كمخرج يراعي المبادئ الديمقراطية التي يعيشها المغرب وينسجم مع روح ومضمون الدستور الذي ارتضاه المغاربة، وذلك من اجل حلحلة الوضعية المتوقفة التي تعرفها مؤسسات الدولة عبر الإسراع بتشكيل حكومة قوية ومنسجمة.
قرار تعين سعد الدين العثماني كرئيس حكومة مكلف جديد، وبلاغ الديوان الملكي القاضي بإعفاء بنكيران، يعدان خارطة طريق واضحة، ورسالة توجيهية مباشرة لكل الفعاليات الحزبية المشكلة للمشهد السياسي المغربي، تهدف إلى استشعار المصالح العليا للوطن والموطنين، قبل المصالح الضيقة للأحزاب والأشخاص.
وبهذا فمنطق “الأول فالأول”، الذي يعد مبدأ عادلا وديمقراطيا ودستوريا، سيكون هو الحل الجدري للإسراع بتشكيل حكومة العثماني الجديدة، هذا إذا ما التقطت واستوعبت جيدا القيادات الحزبية المغربية الإشارات القوية والحكيمة للمؤسسة الملكية. هذا المنطق آو المبدأ يقتضي تكوين الحكومة من الأحزاب التي حصلت على ثقة المواطنين وأغلبية أصوات الناخبين أولا بأول إلى حين تشكيل أغلبية حكومية قوية تسير دواليب إدارة الدولة، وكذا تخول المجال لتكوين معارضة فعالة قادرة على مراقبة وتتبع وتصويب العمل الحكومي خدمة للمصلحة العامة للبلاد طبعا.
فاختيار سعد الدين العثماني كرئيس حكومة عن حزب العدالة والتنمية، احترم مبدأ “الأول فالأول” الذي يقتضيه ظاهر وروح الدستور، باعتباره الحزب الذي يمثل أغلبية الشعب أو بالأحرى أغلبية من صوت من الشعب خلال الانتخابات التشريعية الديمقراطية الأخيرة للسابع من أكتوبر الأخير، نفس المبدأ يلزم على سعد الدين العثماني انتهاج تراتبية في اختيار مكونات حكومته المقبلة، عبر اختيار الأحزاب المشكلة لها وفق التدرج في النتائج التي حصل عليها كل حزب في الانتخابات الأخيرة، وذلك انسجاما مع روح الدستور المغربي واحتراما لأصوات الكتلة الناخبة التي اختارت وصوتت على من يمثلها على المستوى الوطني، مع مراعاة الاحتفاظ بمعارضة قوية مراقبة ومتتبعة.
مبدأ “الأول فالأول” إذا ما احترم، فحكومة العثماني الجديدة ستكون مشكلة من ثلاث أحزاب تسلسلت في ترتيب التنظيمات السياسية التي ابانت عن استعدادها الانضمام الى الاغلبية الحكومية والتي حظيت بثقة الناخبين، وهي العدالة والتنمية والاستقلال والأحرار (الذي سيدخل في جبته حليفه الاتحاد الدستوري)، وذلك بعد تشبث الأصالة والمعاصرة بموقعه في المعارضة لأسباب عزاها إلى اختلاف المرجعيات الفكرية بنيه وبين حزب المصباح، ثلاث أعمدة سياسية وطنية قوية ستجمع حقيقة كل مكونات التشكيلة الناجحة، المرجعية الإسلامية والمال والإعمال والإدارة، حكومة ستكون منسجمة ومتناسقة وفعالة بأقطابها الثلاث الأساسية، خاصة وان أيام حميد شباط أضحت جد معدودة في زمرة قيادة حزب الميزان بعد انفضاض جل صقور الحزب من حوله.
وبمناسبة الأعمدة أو الأرجل الثلاثة، فلا طالما أكل وشرب الشعب المغربي على موائدة ثابتة مرتكزة على ثلاث أرجل قوية، فهلا فهم العثماني والآخرون الرسالة، وشكلوا حكومة منسجمة وأغلبية قوية (227 مقعد) مبنية على ثلاث أحزاب متكاملة تضمن للمغاربة عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية ولقمة عيش هنية، تجعل المغرب فخور بأبنائه وتجعل المغاربة معتزين بمملكتهم؟
بقلم: محمد ضباش

التعليقات مغلقة.