بناء قطاع تنقّل صديق للبيئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

أش واقع تيفي من الرباط

تشهد المجتمعات نمواً في الوعي حول تأثيرات التغيّر المناخي، وبالتالي أصبحت المدن في مختلف أنحاء العالم تبحث عن أساليب بديلة لتوفير الطاقة إلى مناطقها الحضرية. وتزامناً مع هذا، تؤدّي الزيادات السكّانية المقترِنة مع الطلب المتنامي على الموارد إلى دفع السُلطات المعنية للبحث عن بدائل أذكى وأكثر رفقاً بالبيئة واستدامة لصالح مجتمعاتها.

ولقد ساعد تدفّق التقنيات الجديدة في تسهيل هذا الأمر أكثر، وبالتالي تعزيز الحوار حول أساليب توفير الوقت وتقليل التكاليف وتعزيز مدّ الطاقة لمدن المستقبل. وبالارتكاز على مفهوم إنترنت الأشياء (Internet of Things – IoT)، فإن فرص ابتكار مدن ذكية صديقة للبيئة تبقى غير مستكشَفة بشكل كبير.

وبدأت الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا تعي الفرص المرتبطة بالمدن الذكية والمنفعة العامّة التي توفرها لمجتمعاتها. وبدءً من الاستثمارات في السبل البديلة للتنقّل وصولاً إلى النقاشات حول الطاقة المتجدِّدة، باشرت الدول معاً وضع الاستراتيجيات حول تصوُّرها لعالم صديق للبيئة. وعلى سبيل المثال، وفي العام 2018، أعلنت جنوب أفريقيا عن استثمار بقيمة 53 مليار دولار أمريكي في مجال الطاقة المتجدِّدة، بينما رفعت دول أخرى في القارّة الأفريقية استثماراتها الخاصّة حتى 7.4 مليار دولار أمريكي.

وقد شهد الشرق الأوسط توجّهاً مماثلاً مع دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، اللتين أطلقتا أجنداتها الوطنية ضمن رؤية 2021 ورؤية 2030 على التوالي، وذلك بهدف استكشاف الطرق التي تتيح الابتعاد عن الوقود الاحفوري وتنويع مصادر الطاقة، بينما في الوقت ذاته العمل على تطوير مشاريع بارزة مثل ’نيوم‘ (NEOM) التي تشكّل بيئة إيكولوجية مستدامة للعيش والعمل.

ورغم أنه تم وضع الأسس لهذه البيئات حول العالم، إلا أن أحد العناصر الأساسية في مجال تطوير هذه المدن الذكية يتمثّل بالتنقّل، وبالتحديد حركة المركبات الطائرة بدون طيّار (UAV) في المناطق الحضرية. وعلى الرغم أنها لا تزال في مراحلها المبكِرة، إلا إنه يمكن لمركبات UAV أن توفر حلولاً للعديد من القطاعات التي تواجه تحدّيات من ناحية التلوّث والانبعاثات وسلامة الحركة المرورية، حيث توفر هذه المركبات الطائرة العاملة بالطاقة الكهربائية الفرصة للاستفادة من مصادر الطاقة المتجدِّدة أكثر، مثل الرياح والطاقة الشمسية أو الطاقة المائية للمساعدة في دفع سبل السفر الجوي في المستقبل.

وتتمتّع المركبات بدون طيّار في أيامنا الحالية بفترات تشغيل أطول وتتطلّب صيانة أقل من الطرازات السابقة. كما يمكن نشر هذه الطائرات في العديد من المناطق بتضاريس مختلفة وذلك بفضل تقنياتها المحسَّنة، ويجري استخدامها في العديد من المجالات المتنوّعة.

وتساعد التطوّرات في تقنيات الدفع والتوجيه بجعل مركبات UAV واقعاً حقيقياً. وعلى سبيل المثال، يتم راهناً في الكثير من المناطق الأفريقية استخدام هذه المركبات لتوفير وحدات الدم واللقاحات وغيرها من المواد الطبية إلى المناطق النائية التي تتطلّب عناية طبية فورية.

أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد وضعت ’الهيئة العامة للطيران المدني‘ إطاراً قانونياً يحكم قطاع التنقّل الجوي الحضري (UAM) بهدف إيجاد ظروف تتيح تشغيل الرحلات ضمن مجالات قريبة في المناطق الحضرية المأهولة وذلك وفق أسس تقوم على السلامة والأمن والفعالية. وعبر هذه التنظيمات، من المتوقَّع أن تصبح الإمارات الدولة الأولى في العالم التي تقوم بمراقبة كامل النظام الإيكولوجي لمركبات UAV الطائرة بدءً من مرحلة الإقلاع حتى الهبوط.

ومع أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، يعمل فريق ’بيل‘ (Bell) على تطوير التقنيات التي توفر أساليب ملائمة وآمنة وفعّالة بيئياً لنقل الناس والمنتجات والمعلومات. وبالارتكاز على خبراتها في مجال الابتكار على مدى 85 سنة في مجال الفضاء، قامت ’بيل‘ بتطوير تقنيات جديدة مثل منصّة النقل ذاتية القيادة (Autonomous Pod Transport – APT) التي تُعتبَر مركبة UAV ذاتية القيادة مصمَّمة للقيام بعدّة مهام، بما في ذلك توصيل الطرود، عمليات النقل الطبّي الطارئ وتوفير المساعدات عند وقوع كوارث.

وتمنح منصّة APT قطاع الخدمات اللوجستية خياراً قليل الانبعاثات حتى الميل الأخير، وكذلك لعمليات التوصيل إلى الأماكن التي يصعب الوصول إليها، وهي تساعد في التخلّص من انبعاثات الكربون ضمن سلسلة الإمداد. وتوفر APT حلاً لشركات الخدمات اللوجستية الأخرى التي أنتجت 13.8 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أثناء توصيل 5.1 مليار طرد عبر عمليات النقل البرّي أو الجوّي، وذلك وفقاً لتقرير تم نشره في العام 2019.

إضافة لهذا، توفر منصّة APT حلاً لحفظ الطاقة بفضل تصميمها الفريد للإقلاع العمودي وإمكانية حملها لأوزان أثقل تصل إلى 110 أرطال (50 كلغ) مع سرعات تصل إلى 90 عقدة (167 كلم/س) ومدى يصل إلى 35 ميلاً (56 كلم). وهذا يعني أن APT توفر مستوى جديداً بالكامل من قدرات المهام لمجمل سلسلة التوريد.

وكجزء من تركيزها المستمر على تحسين التحليق التقليدي لطائرات المحرّك الدوّار، تستكشف ’بيل‘ أيضاً التقنيات العاملة كهربائياً التي تعِدُ بتخفيض استهلاك الوقود والتلوّث الصوتي. ضمن هذا السياق، يتكوّن نظام منع الدوّامة الموزَّع كهربائياً (Electrically Distributed Anti-Torque – EDAT)، والذي يشكّل مبادرة جريئة جديدة بقيادة إريك سينوساس، مدير برنامج الطائرات التجارية الخفيفة، من أربع مراوح صغيرة ضمن دوّار الذيل موزَّعة بنمط اثنين باثنين.

ويحوي كل دوّار أربع شفرات يتم تشغيلها عبر أربعة محرِّكات منفصلة، مع توفير الطاقة الكهربائية من مولِّدات ذي محرّكات توربينية. ويحلّ نظام EDAT مكان دوّار الذيل التقليدي وهو يتمتّع بخصائص تثبيت وتوجيه بطريقة أكثر رفقاً بالبيئة، ويفيد الطيّارين والركّاب على السواء، بالإضافة للأشخاص الموجودين على الأرض.

تتميّز ’بيل‘ من خلال ابتكارها التقني وبكونها تساعد في تمهيد الطريق أمام بيئة أفضل. وسوف تساهم إمكانيات استخدام هذه التقنيات بتعزيز المبادرات الخضراء حول العالم.

التعليقات مغلقة.