بين التجريب وتبئير المشروع في روايات شعيب حليفي

من “زمن الشاوية” حتى “لا تنس ما تقول” [1]

الكبير الداديسي / مجرد رأي

بقدر سعادتنا بمثل هذه الملتقيات التي نجدد فيها الوصل بأصدقاء نعزهم ونحمل لهم في قلوبنا من الود ما لا تتسع له الصدور… نشعر ببعض الغبن عندما يطب منا الإيجاز في ما يستوجب الإطناب، ويفرض علينا تقديم أكلة سريعة خفيفة لضيوف استأنسوا المأدبات الثقافية الدسمة، لذلك نعتذر منذ البداية عن أي تقصير في تقديم قراءة سريعة حول مشروع ثقافي متكامل لمفكر مثقف نقابي كاتب يجمع بين الإبداع والنقد…  ولج عالم الكتابة الروائية مطلع تسعينيات القرن الماضي بمساء الشوق 1992 لتتوالى تدفقه السردي عبر: زمن الشاوية 1994، وروايات أنا أيضا: تخمينات مهملة”، و”رائحة الجنة”، و”لا أحد يستطيع القفز فوق ظله” “مجازفات البزنطي” “أسفار لا تخشى الخيال” “تراب الوتد”  “سطات” و “لا تنس ما تقول” ليكون من القلة القليلة في الرواية المغربية الذين استطاعوا خلق تراكم روائي  يستحق أن يكون موضوع دراسة ، ويفرض أسئلة عن الثوابت والمتغيرات في مشروع شعيب حليفي؟ الموضوع الروائي؟ اللغة الروائية عند حليفي؟ الوعي والشخصيات؟ البناء الزمني؟ البناء الروائي؟ أساليب الحكي؟ الغاية من تورط حليفي في الكتابة الروائية؟ وخصوصيات الكتابة الروائية عند حليفي؟ صعب جدا الإحاطة بتفاصيل هذا المشروع في جلسة واحدة مهما خصص لها من الوقت، لذا كان التركيز على روايتين أولاهما تعد من اللبنات الأولى لهذا المشروع (زمن الشاوية 1994) والثانية رواية “لا تنس ما تقول” الحائزة على جائزة المغرب سنة2020)… الروايتان كتبتا في ظروف مختلفة، ولكل رواية ما يفردها وما تنماز به عن الأخرى على مستوى الشخصيات والأحداث والزمان طريقة الحكي… لكنهما تتشابهان في ملامستهما لقضايا كثيرة… لعل أهمها الانتصار للهوية الثقافية المحلية واختيار نفس الفضاء المكاني لمسرحة الأحداث وتحريك الشخصيات، والاستلهام من التاريخ والتراث الوطني والمحلي، كما تتشابه الروايتان وهذا هو الأهم في نفس البناء: الانطلاق من الشاوية إلى مدينة كبيرة مجاورة (هي في زمن الشاوية الدار البيضاء، وفي “لا تنس ما تقول” القلعة الكبرى والعاصمة) مع انفتاح الشخصية الرئيسة على الخارج (سفر علي الشاوي وابنه في “زمن الشاوية” إلى باريس بفرنسا، وسفر شمس الدين الغنامي في رواية “لا تنس ما تقول” إلى طليطلة بإسبانيا) والعودة إلى الشاوية بهدف تغيير الواقع مع الإيمان بصعوبة هذا التغيير أمام مادية العصر واستفحال الفقر، الجهل، الشعوذة وصعوبة مواجهة المخزن المتحكم في كل صغيرة وكبيرة لتبقى الكتابة متنفسا تستدرج كل شخصية لكتابة روايتها الخاصة،


[1]   – ألقيت الخطوط العريضة لهذه الدراسة، في الندوة التي احتضنتها كلية آسفي مساء الخميس 20 ماي 2021 تحت موضوع: شعيب حليفي وأسئلة الإبداع والنقد في الرواية المغربية المعاصرة.

التعليقات مغلقة.