عن تداعيات تفجيرات باريس..

مر أسبوع كامل على تفجيرات باريس الإرهابية والتي خلفت 132 قتيلا وعددا من الضحايا، ومازالت تداعياتها تلقي بظلالها ليس على فرنسا وأوربا فحسب، بل على جميع دول العالم، باعتبار فرنسا مهد الثورة التي أعلنت الحرية والمساواة وشكلت أساس النظام الديمقراطي الحديث على مستوى العالم اليوم.
من تداعيات هذه الأحداث الإرهابية إعلان حالة الطوارئ وإلغاء العمل بالقوانين والحريات، وهذه أكبر ضربة توجه للديمقراطية ولدولة الحريات رغم طابعها المؤقت، لكونها تذكرنا بالأنظمة العربية الكريهة التي حكمت شعوبها بقوانين الطوارئ منذ الإستقلال ومازالت، ويمكن القول على أن هذا الإجراء جعل تنظيم داعش الإرهابي يكسب جولة من المعركة لأن هدفه هو إلغاء الحريات وجعل العالم فوضى لن يستفيد منها سوى الإرهاب والإستبداد.
إن النظام الديمقراطي الفرنسي رغم ريادته وعراقته إلا أنه يحمل بعض المعوقات المتعلقة بالمجتمع الفرنسي ومؤسساته المعتدة بالثقافة الفرانكوفونية، والذي يحاول سدنة هذه الثقافة المحافظة عليها ولو على حساب الثقافات الأخرى، وذلك مقارنة بالمجتمعات الأنجلوفونية التي طورت أساليب متميزة لاستيعاب التنوع الثقافي، بشكل يغني ثقافة البلد المستقبل، والنموذج الأبرز هو كندا التي تجعل المهاجرين إليها يعتزون بثقافتهم ويغنون المجتمع الكندي.
لذلك على فرنسا تغيير طريقتها في فرض ثقافتها على المهاجرين وإعطائهم مزيدا من الحريات حتى يحسوا بأن فرنسا وطنهم، وتنشأ أجيال تعتز بانتمائها لهذا البلد الحر، وتنتفي كل الذرائع التي يعتمدها المتطرفون لاجتذاب الشباب العربي والمغاربي خصوصا، والذي يشعر بالإزدراء والتهميش من طرف الدولة والمجتمع الفرنسي، آنذاك سوف يصير المهاجرون سببا لغنى ورفاهية الدولة عوض التوجس منهم وتحميلهم كل المشاكل التي تطرأ، وكل تأخير سوف يدفع اليمين المتطرف إلى اكتساب مناصرين جدد، وتصبح فرنسا بلدا عنصريا -لا قدر الله- كما هي إسرائيل اليوم.
الإنسانية هي الحل…

التعليقات مغلقة.