في الذكرى الخامسة لحركة 20 فبراير: أمل وما أدراك ما الأمل

 

لازلت أتذكر جيدا ثنايا ذاك الأحد الممطر من شتاء العشرين من فبراير 2011 و كيف هز العديد من بذرات هذا الوطن  الشوق لشارع لطالما حلموا بأن يجعلوه مسرحا لتغير واقع حالهم فكان ما كان و انطلق الأمل  .

هذه الدينامكية التي عرفها الشارع المغربي لم تكن صنعا مغربيا صرفا بل نتاج لتفاعلات إقليمية عرفتها الأقطار العربية ,  هاته الزهور الديمقراطية التي تفجرت في الشوارع المغربية هرعت للميادين لتأكد على أن عزوفها عن العمل السياسي لم يكن أبدا نتاج رغبة ذاتية أو إهمالا لقضياهم الإجتماعية بل وليدة تراكمات و سياسات انتخابوية و سلطوية تسعى لتكريس سياسات اقصائية و الإنفراد بمقاليد التسيير العام .

ناشدت  التغير و رفعت شعار الديمقراطية و الكرامة و الحرية و العدالة الإجتماعية و صاغت ملفها المطلبي من روح حركة حرية ديمقراطية الآن التي انبنت عليها احتجاجات و النظالات العشرينية الشبابية و إعتمد الحراك على أشكال حضارية في الإحتجاج السلمي و صار الشارع مسرحا للإبداعات الشبابية في خلق نوع من الطاقات المتجددة في التعبير عن غلاء المعيشة و ظلم السياسات الممنهجة و تغير الوثيقة الدستورية و رفع شعار محاربة الفساد و محاسبة ناهبي المال العام الشئ الذي ولد التفافا شعبيا رسم لحمة هذا الوطن بنسائه و رجاله و شبابه و شيابه و حتى أيقونات أمله الشئ الذي عجزت عن تحقيقه أي حركة احتجاجية سبقت عهدها بعقود .

اعتبرها العديد مرحلة مفصلية في تاريخ المغرب الحديث حيث جعلت كل شرايين الدولة المغربية تتحرك و أنتجت حراكا شبابيا استطاع أن يقود دفة التغير إلى بر الأمان بالإضافة أن الحركة استطاعت أن تكسر داك الجدار المقنع بالقانونية و التي لم تستطع الأحزاب أبدا محاولة تجاوزها بالتظاهر ضد جل أشكال الريع و الفساد المتبطن داخل دهاليز المؤسسات العمومية فخلق الربيع العربي أشكالا جديدة من وسائل الإتصال و أزاحت بشكل تدريجي أشكال الرقابة و فتحت مساحة أوسع لهامش حرية التعبير و الرأي و اتساع هوة الإحتجاج و التظاهر و زعزعة موازين القوى و تغير مجرى الأحداث .

نزول الحركة لشارع ضرب بقوة في عمق المؤسسات و أزاح غشاوة البروبغندا الإعلامية التي كان يروج لها حول عزوف الفئة الشابة عن العمل السياسي فكانت بمثابة الصعقة التي أعادت خلط الأوراق من جديد فصار الحلم حقيقة و بدأت الحكاية   .

اليوم لا أعتبر عودة الحركة لظل أو انسحابها نهاية الأمل الذي ولد مع أول تدوينه تطالب بالتغير أو موتا سريريا كما يدعي البعض فحسب مجرى التاريخ فقد ولدت الحركة عدة تراكمات و انجزات لا من الناحية النوعية و لا التنظيمية السياسية  و حتى الميدانية الجماهيرية جعلت من الذين يتقلدون زمام الأمور يرسلون إشارات اجابية تتجاوب و الملفات المجتمعية و المطالب الشعبية , لا ننسى أن الحركة جمعت بين جل الأطياف الإديلوجية هاته إسلامية و الأخرى يسارية و تلك يمنية و هذه حركات تقدمية و تركيبات أخرى مستقلة من أجل السعي نحو الديمقراطية .

خرج الحراك بنتائج متميزة و حقق مطالب عدة و رسم خارطة شباب يمكن أن يقدو دفة التغير الديمقراطي السلمي في ظل ما تعرفه عدة أقطار عربية من ضياع أمل ثورة أفلاطونية و غياب أسس العيش بالقتل و التشريد و الإغتصاب .

الشباب هم الأمل و التاريخ يحتفظ بالمواقف و يسجل العبر.

التعليقات مغلقة.