تعدد العراقيل و المشكل واحد

لا أحد يمكنه القول بأن التعلم ليس حقاً من الحقوق الأساسية للإنسان، بل كلّ من يؤكد ذلك فهو لا يستوفي شروط الإنسان. كلٌ منا يرغب في دراسة مجال ما، مهما كان تخصصه. وعلى سبيل التخصص، نجد أن الموسيقى من أهم الظواهر الاجتماعية التي ساهمت ولا زالت تساهم بدورها في العديد من الإصلاحات الاجتماعية. وقد تم الاعتراف بها كعلم أو فرع من العلوم الاجتماعية بإنشاء جامعات ومعاهد موسيقية تهتم بتدريس لكل من يرغب في ذلك أو من يمتلك موهبة موسيقية نشأت معه منذ ولادته. وهذا النوع من التدريس لا يأخذ بعين الاعتبار الشروط البدنية او العمرية او حتى التوجهات السياسية. والمغرب من البلدان التي ساهمت في تدريس هذا الفرع بكل ما لها من كفاءات ومواهب وألوان موسيقية نتجت عن تعدد واختلاف الحضارات التي تعاقبت عليه. و ترسّخ هذا الاعتراف بإنشاء العديد من المعاهد الموسيقية بمختلف مدن المملكة، واحترمت كل من هذه الأخيرة مبادئ الموسيقى حيث نعرج على أحد أهمها ألا وهو “أن التعلم الموسيقي من حق كل الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية”. وعلى عكس ذلك، فمدينة آسفي التي تعتبر من المدن المغربية المعروفة تاريخيا بفضل ما أنتجته من غزارة فكرية وفنية، ومن المدن الرائدة موسيقيا، حيث ساهمت في إبراز العديد من الموسيقيين للساحتين الوطنية والدولية، وتميزها بفن “العيطة”، هذا الفن الذي أعدت بشأنه بحوث ودراسات كثيرة من قبل الباحثين المهتمين بهذا النمط الموسيقي. وتتوفر آسفي شأنها شأن العديد من مدن البلاد على معهد موسيقي يقع بمدينة الثقافة والفنون، و الذي ساهم بدوره في انعاش المجال الموسيقي، لكنه على عكس باقي المعاهد، لا يتماشى مع مبادئ علم الموسيقى، حيث يحصر السن المحدد لولوجه من 10 سنوات إلى 16 سنة، و هذا الشرط يتساءل عنه العديد من المهتمين بالموسيقى في المدينة، حيث يشكل عائقا على من يراه هو الممر الوحيد لبناء مستقبله الفني لأنه لم ينجح في مساره الدراسي ويتوفر على موهبة موسيقية، و هناك البعض من يراه كمكان لسقل موهبته التي لم يكتشفها إلا بعد بلوغه سن 17 سنة، لتتعدد العراقيل والمشكل واحد. وحين يذهب أحد المواطنين إلى مقابلة مديره قصد فتح باب لنقاش الموضوع، لا يكلف نفسه حتى عناء استقباله او يقول له كما قال بلسانه “كانخاف لا ندخل شي واحد كبير و يغتاصب ليا تلميذ(ة) صغير(ة)”، و هذا القول يصغر من كفاءة موظفيه. فهل في نظركم أن الوزارة المشرفة يصعب عنها إنشاء أقسام تخص كبار السن؟ و هل يتقبل العقل أن يصدر هذا الكلام من فم مدير مسؤول عن معهد يأطر مجال الفن والثقافة؟ ثم إلى أي حد سيدوم هذا الاحتكار.

التعليقات مغلقة.