العتبة الإنتخابية و تهافت الأحزاب السياسية

 

لازالت قضية العتبة الإنتخابية تثير كثيرا من القيل و القال داخل المنظومة السياسية المغربية و تجعل منها محط نقاش كبير و واسع مع اقتراب الإنتخابات التشريعية لسابع من أكتوبر 2016 بين جل الفرقاء السياسيين مع  من يدعوا لرفع العتبة و آخرين  لخفضها و أحزاب صغيرة تدعوا لإلغاها بدعوى أنها تكرس الدكتاتورية الحزبية و تجسد فكر حزب القطب الواحد أو الثنائي .

ففي ظل التحولات السياسية التي تعرفها المناطق العربية و المغاربية و خصوصية المرحلة التاريخية التي تعيشها هذه الأخيرة وظل في وثيقة دستورية جديدة لفاتح يوليوز 2011 و التي تنصص على ديمقراطية تمثيلية و تشاركية حقيقية  يستوجب علينا طرح سؤال جوهري وهام  : هل الرفع من العتبة الإنتخابية أو خفضها سيقي التوجه السياسي و الديمقراطي للبرلمان المغربي بطريقة فعالة و سليمة ؟؟ هذا الإشكال يجب ربطه بسياق البرامج الإنتخابية المتباينة و هشاشة المنظومة الحزبية و السياسية , و هل بإمكاننا الوصول لبنية ديمقراطية للتشكيلة السياسية على شاكلة الديمقراطيات العالمية التي تعتمد نظام القطبية في ظل ديمقراطية تمثيلية مغربية تعاني من أعطاب تجعل منها محل تساؤل ونقاش أكبر .

ففي ظل التوجه العام لدولة المغربية منذ الحصول على الإستقلال إلى الآن نحو تعددية حزبية واسعة يجعلنا نسعى لمحاولة فهم كيف يمكن الوصول لعقلنة و استتباب الواقع السياسي في ظل تعددية و أحزاب معدودة دون إقصاء الأحزاب الصغرى ؟؟

و قد جاء مشروع القانون التنظيمي لوزارة الداخلية بخفض العتبة من ستة إلى ثلاثة في المائة و الذي أثار كثيرا من الردود بين الغاضبة و المؤيدة داخل المشهد السياسي بدعوى ضمان تمثيلية مختلف التيارات السياسية داخل مجلس النواب معبرة على أن هذا الطرح سيضمن مساهمة أكبر لتيارات الأخرى داخل قبة البرلمان هذا  ففي وقت رفض فيه حزب العدالة و التنمية و الإستقلال و الأصالة و المعاصرة هذا الطرح لأنه يضر بإستراتيجياتهم الإنتخابية و كيفية تصورهم للمشهد العام في حين يرى العديد من المهتمين أن هذا المنوال يتمشى مع طموحات كتلة الأحزاب الإشتراكية و في مقدمتها حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية و التقدم و الإشتراكية و فدرالية اليسار الديمقراطي و أحزاب وسطى فيما صرحت الأحزاب الصغرى رفضها للمقترح بشكل قاطع داعية لإلغاء العتبة بشكل تام .

لكن ما مدا نجاعة جل هاته الإقتراحات في خلق مشهد سياسي مغربي قوي يحترم جل الضوابط المشروعة لتباري داخل الساحة الإنتخابوية بشكل يضمن وجود ديمقراطية تمثيلية حقيقية ؟؟

فالعديد من الأحزاب السياسية تراجعت عن وجهة نظرها حول العتبة الإنتخابية و من أبرزها رفاق إدريس لشكر الذين يؤيدون اقتراح وزير الداخلية حصاد بخفضها لثلاثة في المائة في وقت كانوا يدعون لرفعها لأحد عشر بالمائة في حين ظل حليفه داخل المعارضة حزب الإستقلال متشبثا بمطلبه برفعها لعشرة أو ثمانية بالمائة .

فمسعى خفض أو رفع و إلغاء العتبة الإنتخابية يجعل من نقاش بلقنة المشهد السياسي يطفوا للسطح في خضم  أن العتبة تظل سيف دو حدين مع تبلور هاجس الإفراط من تشتت الأحزاب السياسية و كيفية ضمان تمثيلية الأحزاب الصغرى فبالمردود الجيد الذي تخلقه الرفع من العتبة للأحزاب الكبرى على المستوى التقني  و به يتم نفي و تهميش  الأحزاب الصغرى .

و بهذا تصير إشكالية الخفض و الإلغاء قائمة و  محل إشكال بالنسبة للعناصر الحزبية الكبرى في وقت  يتم طرح العديد من علامات الإستفهام حول كيفية السعي  لخلق واقع سياسي متماسك و إنتقال ديمقراطي سليم و ناجح نافين كل الترسبات و الأساليب السياسيوية القديمة  ؟

 

محمد أبوخصيب

التعليقات مغلقة.