عن الإفلاس السياسي لجماعة العدل والإحسان..

تعد جماعة العدل والإحسان أكبر حزب سياسي في المغرب من حيث عدد الأتباع والمنخرطين، وكذلك من حيث القوة الميدانية والتنظيمية واللوجيستيكية، وإن كان غير معترف به كتنظيم سياسي بشكل رسمي.
وقد تعرض تنظيم جماعة العدل والإحسان منذ نشأته قبل أربعين سنة على يد الشيخ المرحوم عبد السلام ياسين، للتضييق والحصار التعسفي والممنهج من طرف السلطات المغربية، لكن ذلك لم يزده إلا تماسكا وقوة وحضورا في الساحة السياسية عبر المنظمات النقابية والحقوقية والجمعيات المهنية.
وقد كانت جماعة العدل والإحسان من أهم القوى السياسية التي التحقت بالحراك الشبابي الذي عرفه المغرب مع انطلاق موجة الربيع العربي (حركة 20 فبراير)، وساهمت في إنجاح المسيرات السلمية والإحتجاجية المطالبة بالحرية والكرامة والعدل، والتي عرفتها شوارع وساحات المدن المغربية، وصمدت في وجه القمع الوحشي الذي كانت تواجه به السلطات العمومية هذه الإحتجاجات، والتي كانت تسخر البلطجية والمجرمين للتضييق على المتظاهرين واختطاف متزعمي هذه التحركات الشعبية السلمية.
لكن الجماعة للأسف بقيت وفية لنهجها السابق المتسم بالإنغلاق والوثوقية والتشكيك في الجميع، واعتبار الجماعة هي صاحبة المنهج السليم والذي على الجميع إتباعه والخضوع له، متوسلة بنظرتها الأحادية في تفسيرها للدين الإسلامي، إضافة إلى منهجها التنظيمي الحديدي والصارم والذي لا يسمح بالنقاش واختلاف الرأي.
وقد انتهى الأمر بخروج جماعة العدل والإحسان من الحراك الشعبي بعد أقل من سنة على انطلاقه، وفضلت الوفاء لنهجها القديم في مواجهة السلطة، وهو منهج خارج العصر والمنطق، وكان آخر تجلياته دعوة زعيم الجماعة مؤخرا إلى الخلافة الإسلامية، ما يشكل إفلاسا فكريا وأخلاقيا وتنظيميا وتخبطا سياسيا، جعل من الجماعة، من حيث تدري أو لا تدري، في خدمة الإستبداد، الذي يفضل التعاطي مع تنظيمات عدمية وغير واضحة الرؤية والهدف، للإلتفاف على مطالب الشعب الصريحة في المطالبة بالديمقراطية والحرية والكرامة، بعيدا عن المزايدات والمهاترات التي تعود بنا إلى عصور غابرة، وما تجربة داعش منا ببعيد.

التعليقات مغلقة.