موتُ هِلالْ

الكتابُ الذي قرأته قبل ست سنوات بمناسبة حلول رمضان ، كان بعنوان “توجيه الأنظار إلى توحيد المسلمين في الصوم والإفطار” لأحد شيوخ الدين الشماليين . بدا لي بلا قيمة مع حلول الشهر هذا العام . في أول الأمر اقتنيتهُ للمجادلة . لأفحم الذين يقولون : (إن لكل دولة حدودها وهلالها ورؤيتها) . الكتاب يدعو إلى وحدة المسلمين . الوحدة المستحيلة . ومادامت مستحيلة فلا محل له عندي في رفوف مكتبتي . قبيل أيام سلمت عليه تسليمة الوداع ، ووقعتُ إمضاء النهاية كالتالي :

يا كتابُ ..

تخلصتُ منك لأنك لست ابنَ اليوم . أبناءُ الأمس يموتون . تخلصتُ من أوراق لم تعد صالحة للآَن . استخراجات واستنتاجات مثالية لا علاقة لها بالواقع الواقع ( من الوقوع الذي يعني السقوط على الأرض ) . هؤلاء ، يا كتابُ ، لكل واحد صومه وهلاله وحدوده وأنت إلى الآن لازلت تلبس جبة توحيدهم على هلال واحد . من أنت؟ أتظنها أمة واحدة بهلال واحد ؟ إنك قديم ٌ . زُل .
كنتَ بالأمس سلاحي في وجه المختلفين حول توحيد المسلمين في الصيام ، واليوم صرتُ أتذكرك كما أتذكرُ أغنية الشاب مامي “يا الصحة ويا الصحة ويا عدو مولاها ” التي كنتُ أشربها في مراهقتي .
نعم ، كنتَ سلاحي والآن أتخلى عنك . المعركة ليست معركتي والسلاح قديم صدئ . هل يتخلى الإنسانُ عن سلاحه ؟ وأنت ، يا كتابُ ، سلاحي . عذراً ، لستَ صالحا اليوم . إنهم مختلفون . كلٌّ يصوم لهلاله . ماقيمة وجودك بين كتبي إذن ؟ فـَـزُلْ .

محمد غزلي

التعليقات مغلقة.