كفوا اعينكم عن المرأة…

منذ بدء الخليقة، كان الرجل وكانت المراة وكلاهما مكمل للآخر.
كان آدم وكانت حواء فكانت البشرية جمعاء.
هما لباس لبعضهما وبهما تستمر الحياة ويخرجان للنور اجيالا بعد اجيال.
يوما بعد يوما، نكتشف ان جسد المرأة يسبب لها مشاكل جمة مع توالي السنين. كل الاصابع تشير لها وكانها ارتكبت جرما لانها انثى ولان جسدها يثير الرجال (الذكور).
هم يرون فيها عورة وغواية رغم ان الغواية من الشيطان وهي كائن لطيف، كم سمعنا من حالات تواجدت فيها امراة مع رجل، فبلغ عنهما المواطنون الذين لا ينقذون امراة من ايدي لصوص الشوارع.
يزعمون انهم فعلوا ذلك ذرءا للمفاسد وصونا للمجتمع….

ما خلا رجل بامراة الا والشيطان تالثهما…

لماذا؟ الا يحق للمراة ان تلتقي باصدقاء بدون خلفيات؟
تحضرني هنا حالة الشاب الذي استضاف صديقته ببيته في غياب اهله ونسي مفتاح شقته خارجا، فما كان من الجيران الا ان اقفلوا عليهما الباب ونادوا على الشرطة.
ماكان من المسكين الا ان سقط من الطابق السادس ليحمي الفتاة.
موت وخراب ديار لارضاء المجتمع الذكوري الذي لا يرحم.
وكم من حوادث من هذا النوع تكررت في بلدنا تقشعر لها الابدان. والحالة هاته تصبح المراة ثورة وبركان غضب لا عورة وغواية.

كثرت الانتقادات الموجهة لها وحتى عندما تحب نفرض عليها الحصار ونجرم هذا الاحساس المحظور كانها تمارس جنسا قبل ان تمارس حبا.
الجنس تصل اليه ولا تنطلق منه ولا وصاية لاحد عليها.
تريد المراة عطفا ورقة لا جنسا ممزوجا بأنانية مقيتة وقاتلة، فدعها يا رجل في صفك ولا تجعلها عليك.

في الحياة الزوجية ايضا تضيق المراة ذرعا من تصرفات زوج تطغى عليه الثقافة الذكورية . فحتى في ممارساته الحميمية، لا يعي ان المراة إنسان يتعب ويحزن…
يعود الرجل من عمله ليملا بطنه ويدخل غرفة النوم ليفرغ نهمه من زوجته التي قضت اليوم في المطبخ وفي قضاء اغراض الاطفال.
يعتبرها كأثاث في منزله يضعه أينما شاء، يرى فيها وعاء لافراغ مكبوتاته وليس من حقها الامتناع.

عقد نكاح كانه عقد ملكية، زوجة فلان وتبعية دون معنى…

كون المراة ترفض معاملة كهاته يبادر الرجل الى إنزالها بوابل من التهم هي بريئة منها فتبدا المشاكل التي لا حصر لها.
وتنتهي القصة بالطلاق…

نعم، الطلاق هو قارب النجاة من زواج فاشل الذي يؤرخ لبداية معاناة مع العالم الخارجي.
بحكم تكوينها الجسمي تتعرض المراة المطلقة لسلسلة من الاتهامات تجعلها محط انظار واطماع الكل.
كل الاصابع تشير لها وكان اسم الزوج هو من يحميها ولا ظل الا ظله.
يضحكني قول بعضعهم ان حذاء الزوج بالبيت فقط يعطيه هبته وقيمته..فرغم ثقافة المراة واستقلالها المادي الا انها تهاجم دائما من طرف مجتمع ذكوري.
لايعيب احد على الزوج تصرفاته المشينة والانانية مع زوجته بقدر ما يعيب عليها طلاقها وينعتها باقدح النعوت. فلا هي ارتاحت ببيت الزوجية ولا هي ارتاحت مطلقة.
مجتمعنا المريض ينظر الى المراة الحرة كعاهرة، كل خطواتها مرصودة وكان الغير يريد منها تقريرا يوميا على تحركاتها.
ارحموها ياناس، فالبيوت اسرار. كم من مطلقة عفيفة وكم من محصنة تركب الصعب وترى المحظور مباحا.

قد اشار الجابري في كتابه “نقذ العقل العربي المعاصر” إلى النفسية المريضة للرجل العربي الذي يريد من زوجته واخته وامه وابنته ان تكن محافظات وليسقط العالم ولتبق الاخربات عاهرات.

التناقض الاناني ينخر ذات المجتمع، فالمراة المطلقة هي نتيجة فشل علاقة زوجية كانت تجمعها برجل اي علاقة تجمع شخصين، ولكن عند الطلاق تتحمل المراة وحدها تبعات هذا الفشل.

غيروا نظرتكم للمراة واحبوا لها ما تحبونه لذويكم ولا تجعلونها تخجل من طلاقها.
كل ما نحتاجه هو ثورة فكرية تقضي على نظرة المجتمع للمراة المطلقة وتجعلها تعيش دون وصاية او رقابة من احد.

[success]حفيظة الوريد[/success]

التعليقات مغلقة.