تكريم مهرجان “الأيام السينمائية لدكالة بالجديدة”

للفعاليات المحلية الموسيقية تقليد راسخ

دأب مهرجان الأيام السينمائية لدكالة ومنذ انطلاقه على تكريم فعاليات تنتمي للمجالين اللذين اتخذهما محورا له وتفرد به ضمن خارطة المهرجانات السينمائية بالمغربألا وهو “السينما والموسيقى”.. وهكذا سار على نهج غدا تقليدا راسخا لديه وهو أن يكرم فعالية سينمائية وطنية وأحيانا عربية وحتى دولية إلى جانب تكريم أخرى محلية من مدينة الجديدة أو إقليم دكالة غالبا ما تنتمي للجانب الثاني من المحور ألا وهو  الموسيقى.. موليا الأهمية لبعض الفنانين الذين أعطوا الكثير للفن الموسيقي لاسيما الشعبي وكاد النسيان يطالهم رغم ما منحوه لسكان الجديدة وإقليم دكالة ككل من سهرات وحفلات خاصة وعامة وأطربوا أجيالا.

بعض هؤلاء الفنانين قضى نحبه في الفقر والعوز والإهمال.. والبعض الآخر لا زال ينتظر أن يتغير وضعه أو يحظى على الأقل بشرف الامتنان والعرفان.. ومهرجان “الأيام السينمائية لدكالة بالجديدة” غيرة منه على صناع الفرجة العصرية والشعبية بهذه المدينة الجميلة وإقليمها، سعى ولا يزال – وبإمكانياته الجد محدودة–إلى نفض الغبار عن بعض هؤلاء وإعادة صورهم النّيرة إلى الواجهة لتتذكرهم ساكنة المدينة وتعترف لهم بخدماتهم القيمة لها أقلها: إدخال النغمة الشعبية الأصيلة إلى بيوتهم وإشاعة الفرحة والبهجة بين أسرهم وفي نفوسهم.. من ضمن هؤلاء المبدعين نخص بالذكر الفنان الشعبي المرحوم محمد بليلي المشهور ب”الموتشو” الذي تم تكرمه في الدورة 3 إلى جانب الموسيقار الفنان عبد الوهاب الدكالي سنة 2013.. وتصادف أن كان الفنان الموتشو يعاني من مرض فتاك لم تعلم به إدارة المهرجان إلا حين همت بتكريمه.. وبعد انصرام التظاهرة بادرتْ إلى مكاتبة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله كي يشمله برعايته وتطبيبه نظرا للوضع الاجتماعي للفنانالموتشو الجد متواضع وغلاء ثمن الأدوية والعلاج والتحاليل وما إليه… وفعلا استجاب ملك البلاد وراعي الفنانين مشكورا إلى طلبنا وشمل الفنان المذكور برعاته السامية إلى أن انتقل هذا الأخير إلى رحمة الله في متم تلك السنة.. وبعد أن كان قد استرد جزءا كبيرا من عافيته وارتفعت معنوياته إلى درجة أنه قال لي يوم التكريم وبالحرف متأثــرا: ” إنك لم تهبنيالحياة، ولكنك وهبتني الأمل في الحياة”.

في سنة 2014 خلال الدورة الرابعة كرمنا مجموعة موسيقية أينع الجزء الأول منها في سبعينيات القرن الماضي،مباشرة بعد ظهور مجموعتي ناس الغيوان وجيل جيلالة اللتين نهجت المجموعة الجديدية نهجهما ألا وهي مجموعة (الورشان) التي كان من بين أعضائها: نورالدين جداد  وعبد العالي دمكيلة والمرحوم امحمد برشيد (بحيبيحة).. ثم جاء من بعدهم أعضاء آخرون تسلموا نفس المشعل ونفس الاسمأي “الورشان” أيضا في الثمانيات ضمت كل من: المرحومين عبد الفتاح لهلالي والحاج بوحدو إضافة إلى عبد اللطيف خرشي  وأحمد فوزي وموحريق والحاج الطاهر …..

في االسنة الماضية خلال الدورة 5 لنفس المهرجان كرمنا خمسة أشقاءكلهم فنانين متخصصين أيضا في الطرب الشعبي الأصيل – فن العيطة تحديدا– هم “مجموعة الإخوان رحو” الذين يبلغ أكبرهم 71 سنة وأصغرهم 41 سنة !! فهؤلاء الخمسة الإخوة لو وجدوا في بلد غير بلدنا لكان لهم شأن مثلما حصل مع كثير من الثنايات أو الرباعيات والخماسيات الإخوة، لعل أشهرهم بأميركا “الإخوة جاكسون” الذين منهم بزغ نجم الفنان الراحل مايكل جاكسون.. اشتغل الإخوان رحو في معظم أعراس الجديدة ونواحيها مع أكبر وأشهر المطربين والعازفين المهرة منهم المرحوم الموتشو نفسه ومكرّمة هذه الدورة الحاجة سعاد، ورغم ذلك لم يكن أحد تقريبا يعرف أنهم أشقاء.. وبعد تكرمهم عرفت هذه الحقيقة الجميلة كما عرفت المجموعة على مستوى واسع وذلك بعد أن بادرت إدارة المهرجان إلى فتح  صفحة فايسبوكية خاصة بها لازال كثير من عشاق فن العيطةالأصيلة يلجها للتفرج على بعض نماذجها والتمتع بأنغامها.. وتحمل اسم: ” مجموعة الإخوان رحو الشعبية” لمن أراد الاطلاع.

والآن ونحن نوقد الشمعة السادسة لمهرجان الأيام السينمائية لدكالة بالجيدة، نتكرم ونتشرف بأيقونة العيطة الأصيلة الفنانة الحاجة سعاد ذات ال76 والتي مازال شاديا وأداؤها ممتعا ومطربا.. وما زالت تحافظ على أصول الشيخات المتمرسات بكافة طقوسهن وعاداتهن بدءا من الزي “البلدي” (التكشيطة) والحلي الذهبية الحقيقية مرورا بالمساحيق الشعبية التقليدية، حتى وقفتها الشامخة وبدون طعريجة مقتصرة فقط على شبك رؤوس أصابع يديها ثم تفريقها ثم شبكها ثم … لمسايرة الإيقاع والحفاظ عليه.. ودون رقص أو هز الوسط  فهي بالكاد – وكما بدت في حفل اختتام المهرجان فوق خشبة مسرح عفيفي –تحرك رأسها وكتفيهامؤدية واحدة من أجمال العيوط الحصباوية وأرقها أيضا رفقة مجموعة اولاد رحو: (اعزيبو في المّيلحة)  المعروفة أيضا ب(سيدي احمد) والتي تتغزل فيها الشيخة خربوشة بحبيبها “سيدي احمد” ابن القائد عيسى بن عمر التي أنشدت في حقه أيضا (حاجتي في قريني) التي ترددفيهــا:” وهاهو ياسيدي احمد .. وهاهو ياحرش العيون”

وفي (اعزيبو في المليحة) تبلّغ حبيبها “سبع سلامات في سلام” أي طيلة أيام الأسبوع.. ثم تنتقل إلى وصف هندامه: “المضمّة حاسكة كامونية”وفرسه كما لوعتها بفراقه وأنها بسبب ذلك لم تتزين ولم تصفف شعرها لمدة عام ونصف: ” ياو سيدي احمد ..على قبلك بايتة نتسنى سيدي حبيبي.. حرّك يامول السناح الزيتي.. على قبلك بايتة عساسة .. هذا عام ونص ما مشطت رويسي..بايت جافيني يا سيدي احمد.. ياو سبع سلامات في سلامألغادي زربان…” وهذا (العزيب) أو الضيعة كان يملكه أحمد بان القائد عيسى المذكورين ويوجد بين حد حرارة ودار السي عيسى حاليا شرق مدينة  آسفي.

من هي الحاجة سعاد..؟ من أين أتت ؟ أين نشات؟ كيف تعلمت أصول تشايخت؟ على يد من تتلمذت؟ ومع من اشتغلت؟… كما أسئلة أخرى سنتعرف على أجوبتها في الورقة القادمة بحول الله…ففعلا غنت الحاجة سعاد ليلة اختتام الدورة 6 لمهرجان الأيام السينمائية لدكالة” وأطربت، مقدمة مثالا حيا يقتدى به لشابات وشبان الفن الموسيقي، أيا كان نوعه من خلال التزامها بقواعد تشياخت الصارمة وآداب وسلوك “الشيخة المعلمة”والعالمة بأصول حرفتها وتقاليدها.. ولعل للمصريين حق بإطلاقهم اسم “العالمة” والعوالم على صنف المطربات الشعبيات اللواتي يحيين الحفلات والأعراس في البيوت والمنازل على اختلافأنواعها ومراكزها الاجتماعية، ويحظين بتقدير كبير من طرف الساكنة متى كن يحترمن أنفسهن ومهنتهن بطبيعة الحال.. الشيء الذي ستؤكده الحاجة سعاد في الورقة المقبلة إن شاء الله.

  • إشارة
  • تجدر الإشارة أيضا إلى أن تمة شخصية موسيقية محلية تم تكريمها في الدورة 2 لنفس المهرجان سنة 2012 ألا وهو السيد الحاج بوشعيب السبوعي، رئيس جوق “المستقبل” سابقا ومدير المعهد الموسيقي “المسقبل” حاليا.. وذلك لما أسداه هذا الرجل هو الآخر من خدمات ولايزال، من حيث تكوين وتلقين أبجديات الموسقى العصرية ثم علومها لأبناء مدينة الجديدة.
  • نورس البريجة: خالد الخضري dea8f4f0-f24f-47c7-a3e9-e65faf3170f6

moutchou %d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b1%d8%b4%d8%a7%d9%86-1 %d8%a3%d9%84%d9%88%d8%b1%d8%b4%d8%a7%d9%86-2 %d8%aa%d9%83%d8%b1%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ae%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%b1%d8%ad%d9%88 %d9%84%d8%b7%d9%8a%d9%81-%d9%84%d8%ad%d9%84%d9%88-%d9%88%d8%a8%d9%88%d8%b4%d8%b9%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a8%d9%88%d8%b9%d9%8a

التعليقات مغلقة.