المحافظة العقارية… مغارة علي بابا

تشكل المخزون الحقيقي للمعلومة التي يستغلها عدد من ناهبي عقارات الغير “الاستيلاء على أراضي الغير”، ذلك الموضوع القديم الجديد الذي في كل مرة يتم الحديث عنه أو يثار للنقاش كما وقع الأسبوع الماضي خلال الندوة التي أقامها وزير العدل والحريات، على ضوء الرسالة الملكية التي توصل بها، إلا ويتم الحديث عن إحداث لجان للبحث عن مكامن الخلل  لأجل إيجاد حل لظاهرة أضحت تستفحل بشكل مهول، بالنظر إلى تزايد ضحاياها. في حين أن الأمر يتطلب في البداية البحث عن مكامن الخلل التي تجد لبنتها الأولى في المتدخلين في العملية وعلى رأسهم المحافظة العقارية باعتبارها المزود الرئيس للمعلومة بشأن تلك الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها.

فالمحافظة العقارية هي الجهة الوحيدة المخول لها قانونا مسك جميع المعلومات المتعلقة بالعقارات، كيفما كان نوعها، والتي غالبا ما تستغلها مافيا العقار  في عمليات النصب، الشيء الذي يتطلب أن يتم  التفكير في حل معضلات الاستيلاء على العقارات من خلالها، وهذا ما أشار إليه مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض الذي أكد في الكلمة التي ألقاها في الندوة التي نظمت الأسبوع الماضي، على أن”هذا الوضع يقتضي منا التركيز على هذه الفئة التي توجد في الجبهة الأمامية للمواجهة حتى يتم الحد بشكل كبير من نشاط هذه اللوبيات، وذلك من خلال اتخاذ أكبر الاحتياطات عند الشك في صحة معاملة عقارية تحوم حولها الشكوك أو الريبة، كما يجب التأكيد على الدور الأساسي والمحوري للمحافظة العقارية مصدرا للمعلومة وللوثائق وفضاء خدماتيا يتعين مواصلة تحديثه وتطوير آليات اشتغاله حتى يتاح للملاك الاطلاع بشفافية ويسر على وضعية أملاكهم دون عناء أو كلفة أو تأخير”. وأشار الرئيس أنه بالمناسبة لا يجب “إغفال أن العملية العقارية تضم متدخلين آخرين يجب عليهم الانخراط بكل إيجابية والمشاركة في تطهير هذا المجال من المتلاعبين والمستهترين والمخلين بواجباتهم المهنية عمدا أو إهمالا، وهنا أؤكد على ضرورة وضع برنامج تكويني وتحسيسي جاد وعملي يضم إلى جانب أطر المحافظة العقارية موظفي الإدارة الضريبية والمصالح المكلفة بالمصادقة على الإمضاء ومهنيي توثيق التصرفات العقارية من موثقين وعدول ومحامين كأحد الآليات الاستباقية والوقائية لمواجهة هذه الحالات الإجرامية”.

الوضع الحالي استنفر  المدير العام للوكالة الحضرية  للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، إذ مباشرة بعد الندوة التي عقدت، قبل يوم واحد، بعث برسالة إلى المحافظين على الأملاك العقارية، بشأن الاستيلاء على عقارات الغير، أشار فيها إلى ضرورة الانكباب الفوري على إيجاد حلول عاجلة للتصدي للظاهرة إعمالا للتعليمات السامية لجلالة الملك،  لما تشكله من مساس جسيم بحق الملكية العقارية الذي يضمنه دستور المملكة، ولما ينجم عنها من زعزعة ثقة الفاعلين الاقتصاديين التي تشكل دعامة أساسية للتشجيع على الاستثمار.

 وطالب المدير العام  المحافظين العقاريين ببذل المزيد من الحرص في مراقبة السندات المؤيدة لطلبات الإيداع أو التقييد بالسجلات العقارية بصفة عامة، وتلك المتعلقة بالعقارات المملوكة للأجانب أو المغاربة القاطنين بالخارج بصفة خاصة، والتطبيق الصارم للمقتضيات المتعلقة بإجراءات التصديق والتذييل بالصيغة التنفيذية بالنسبة للسندات الصادرة عن السلطات المغربية أو الأجنبية بالخارج، مع التذكير  أنه بالنسبة إلى تلك الصادرة بفرنسا وإسبانيا فإنه يتعين عليكم إعمال مسطرة التحقق من صحة تلك السندات في حالة الشك الجدي تطبيقا للاتفاقيتين المبرمتين مع هاتين الدولتين.

كما ألح على ضرورة الحرص على استيفاء الوكالات العرفية المرفقة بطلبات الإيداع أو التقييد بالسجلات العقارية لكافة الشروط الشكلية والجوهرية المتطلبة قانونا، وذلك في انتظار المصادقة على مشروع القانون رقم 69.16 الرامي إلى تعديل مقتضيات المادة 4 من القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.

كريمة مصلي

التعليقات مغلقة.