الفرق بين “الصحافي” و”طالب معاشو”

سعيد الريحاني يرد على سمير شوقي
قرأت باستغراب كبير، ولا أقول “وصلني” كما قال هو ..، تصريحات مدير نشر جريدة “ليزيكو” “les echos التي هاجم فيها زملائه الصحافيين الذين تكبدوا عناء السهر والبحث المضني، وإجراء الإتصالات اللازمة، لمتابعة ما يجري في القمة الإفريقية بأديس أبابا، حيث قال:”وصلني أن جرائد مغربية وخاصة الأسبوعية، طلعت بمقالات تفصل فيها كواليس ما حدث قبيل وبعد عودة المغرب للإتحاد الإفريقي…. لا أستطيع أن أفهم كيف يكتب صحافي في كواليس حدث يقع على بعد 8000 كلم من مكتبه..”.
زميلي سمير، بما أنك سألت، وبما أنك حشرتنا ضمن دائرة من لا يستحون، وكأننا ارتكبنا “جريمة” فقط لأننا قمنا بممارسة حقنا في الكتابة، بل وحققنا السبق، وساهمنا بطريقتنا في تنوير الرأي العام، دعني أجيبك أولا، ثم دعني أسئلك الأسئلة الحقيقية.
أولا، عليك أن تعلم أن بعد المسافة بين الصحافي (ة)، ومكان الحدث، ليس مانعا من موانع الكتابة، وبأن التواجد في عين المكان ليس من شروط ممارسة الصحافة، بل إن الإبتعاد قد يكون اختيارا مهنيا، لتفادي الإختلاط، مع “المسترزقين بالقضية”، دعني أسألك لماذا كتبنا عن “فوز ترامب”، وهو بعيد عنا في أمريكا، ولماذا كتبنا عن الحرب في العراق وسوريا، لماذا كتبنا عن سقوط حسني مبارك، واعتقال مرسي، ولماذا كتبنا عن هروب زين العابدين بنعلي، هل يفترض في الصحفي أن يكون في عين المكان لكي يكتب؟ هذا من حيث الشكل أما من حيث المضمون، فماذا كتبت أنت؟ وأنت الذي “نمت” في أديس أبابا، هل حاورت بعض الرؤساء الأفارقة، مثلا؟ أم أنك أكتفيت بأخد صور تذكارية من داخل قاعة الأشغال (..)، وماذا فعلت عدا محاكاة مقالات صادرة في جرائد دولية (..)، ما هو السبق الذي حققته، وأنت في قلب الحدث بما أنك اخترت محاسبة الصحافيين حملة الأقلام، والظاهر أنك لا تميز بين “مهمة المصور الصحافي” و”المراسل الصحفي” و”مذيع التلفزيون أو الراديو..”، و”السائح”.
دعني أسألك، ألا تقتضي المروءة أن تكتب فيما تفهم؟ “صراحة لا أستطيع أن أفهم”، كيف يسافر صحفي ليغطي حدثا لا يعرف عن كواليسه أي شيء، ومن تم يتبجح ب”الإنفراد”، هل ساهمت كما ساهمنا في كشف مناورات “عزل المغرب” داخل الإتحاد الإفريقي، هل ساهمت في كشف خبايا مناورات بعض الرؤساء والمسؤولين داخل الإتحاد الإفريقي ضد المغرب، هل امتلكت الشجاعة، أو الفراسة لتكتب عن مناورات بعض “الحزبيين المغاربة” للتنسيق مع خصوم المغرب داخل الإتحاد الإفريقي، هل تفهم إمتداد اللعبة، أم أنك تخبط خبط عشواء؟ كيف سمحت لك نفسك بالركوب على مجهودات الآخرين؟
وأخيرا، دعني أسألك الأسئلة الحقيقية؟ من الذي اختارك أصلا لتسافر مع الملك إلى أديس أبابا؟ من الذي أعطاء الحق لتسافر في جل السفريات الملكية إفريقي، هل تسافر بصفتك كصحافي أم ك”طالب معاشو”، أخبرني عن المنطق الذي يجعلك تأخد “السلفيات” خلف الملك؟ أرجوك إمتلك الشجاعة وأخبر زملائك الصحافيين عن “الشخص” أو “الأشخاص” الذين يختارون الصحافة التي يسمح لها بالتواجد في عين المكان، على نفقة الدولة، من المال العام، أليس من حق زملائك أن يسافروا هم كذلك إلى إفريقيا.
دعني أشرح لك لماذا غضبت، لقد غضبت منا يا زميلي، لأنك، كنت تعتقد أن احتكارك للسفريات والرفقة المحظوظة إلى إفريقيا، سيجعل “تنفرد” لوحدك، في تغطية حدث يهم المغاربة جميعا، لقد كنت تتوقع أن نضع أقلامنا وننتظر عودتك المظفرة، ومن يدري ربما كنت تعتقد أننا سنستقبلك في المطار، لنقول لك “إيهااااب”، عفوا “ساميييير”، ومن تم نأخد منك التصريحات، ونأخد الصور التذكارية إلى جانبك، عفوا، إذا كانت حساباتك خاطئة رغم أنك متخصص في الحساب، عفوا إذا أزعجناك بكتابتنا.. وعلى كل حال عليك أن تعتذر، وأن تضيف هذا الدرس الصحافي إلى قائمة دروسك، وإن عدتم عدنا..

التعليقات مغلقة.