الواقع بنكهة خاصة…العشق والتشرد !!!

بقلم : ذ. محمد لعرج

بينما كنت اختلس النظرات قابع في مكاني كمحكوم عليه بلا حركة، أرتشف كعادتي قهوتي الصباحية في مقهى النيل، بين تقاطع شارع النيل وشارع الجولان في عز الصباح الباكر، لمحت إثنين من المراهقين فتاة وفتى، ملامحهم توحي إلى كثير من القسوة والمعاناة مع الحياة، أبناء الشوارع كما يصطلح عليهم، متشردين وهذا ظاهر من خلال ملابسهم الممزقة والمتسخة وشعرهم الملتصق من كثرت الاتساخ.

يتبادلون في الأول الحديث فيما بينهم، كلام معسول يحمل الشئ الكثير من الرومانسية والتنكيد يختلطه دخان سجائر يخرج من أفواهم فيمتزج مع نسيم الصباح الباكر وسرعان مايتبخر بين ضباب السماء، وفجاءة تحول إلى شجار، وصفته بعديم الرجولة، ووصفها بالخائنة وابنت الشارع وبائعة الهوى.

صبت جم غضبها عليه.
أنت هيه أنت، لم تعد كما عرفتك، تغيرت معاملتك معي بمجرد رؤيتك تلك الساقطة هناك، واخبارك بتفاصيلها جاءت من مرسول لي” أحد المخالين” نسيت كل ماعملته من أجلك كأنك ولدت وتربيت في مواخير؛ احكمته بيدها بقبضة تحمل الشئ الكثير من العشق والكراهية، تحرر منها الفتى بصعوبة، محاولا إخفاء أكادبيه، مشى بعيداً عنها يضرب الأرض مبتغضا من عشيقتيه يصب جم غضبه في قمامات الازبال أمامه.

انتباها نوع من العشق وتأنيب الضمير، تجاه حبيب قد لا تصادفه بين شوارع غابة البيضاء أبدا، وقد يحدث وتلتقيه لكنه عنيد طالما وصفته ب*رأسك قاسح* فتوسلت إليه بعدما ابتعد منها بأمتار مثل عاشقة محطمة الفؤاد أرجوك لا تذهب، أدار رأسه نحوها فاستدار وهرول بسرعة فاختفى بين أزقة المدينة غير مبالي من خسارة رفيقته إيمانا منه بالمثال الشعبي ” تمشي وحدة يجو عشرة”.

وقفت متسمرة في مكانها هنيهة، محلقة بخيالها بين دروب الماضي وإسترجاع أحلى اللحظات التي جمعتها مع عشيقيها، واستفقت على شتائم صاحب المقهى، هيه أنت أيتها المتشردة ابتعدي من هنا، فمشت مبتعدة من المكان دون رد فعل، منهارة لاطاقة لها لمواجهة صاحب المقهى الجشع، كانت تتمنى لو أركلت دلوا أو تسدد لكمات إلى برميل أو تحطم مزهرية أو شي أمامها، لكنها شعرت بجسدها ثقيل في حين أخد عقلها يدور ويدور، كان غضبها الموجه بمعضمه إلى نفسها، لثقتها العمياء في ذاك الخائن المتعجرف، وهو الشئ الوحيد الذي فاق ألمها المبرح، تلاشت قواها تماماً مشت مترغدة يميناً وشمالا لاعلم لها إلى أين ومن أين ستذهب كشخص فاقد الإدراك.
يتبع…

التعليقات مغلقة.