بورتريه: عبد الرحمان الإدريسي والزمن الجميل

آش واقع-أميمة بنعيشة 

بين الأمس واليوم، بين الحاضر والماضي، فقدنا قيما ومبادئ .. فقدنا ثروة أخلاقية بأبعاد تاريخية عميقة لم ولن نكتسب شيئاً .. لم نعد نعرف من نحن؟ من أين جئنا ؟ وإلى أين نحن ذاهبون ؟ أضعنا الطريق فكيف سنعود ؟ وربما سنعود .. وقد فقدنا البصيرة ؟

هو زمن مضى بآسفي، زمن الحشمة والوقار، زمن المحبة والتعاون، زمن القناعة..نعم هو ذلك الزمن الذي مضى ومضى فيه رجل حكيم بسيط مقاوم متحزب هو العصامي الذي هجر أهله وهو في الثاني عشر من عمره بعد وفاة والده متعطشا للعلم والمعرفة درس الفقه وكان عاشقا لعلم الفلك ذهب طفلا ليرجع رجلا في الثلاثين من عمره رجلا في فكره وحمولته الثقافية العميقة لما لا وهو الذي جاب المغرب مدنا وقبائل، كان مسقط رأسه مدينة آسفي ومن أبوان فاسيان هو السيد عبد الرحمان الإدريسي رجل متزوج رزقه الله بعشرة أبناء ولدان وثمانية بنات هو الرجل الحامل لكتاب الله وملقنه للأجيال .. هو الإمام الذي صلى بالناس في مختلف مساجد أسفي وقبائلها مدير “لكُتاب” آنذاك بأشبار لم يكن يحب إستعمال وسائل النقل ولو بأي شكل من الأشكال، هو الذي سار لمسافات طوال وساعات أطول، كان أنيق عصره من مظهر وفكر.. في رمضان ركن خاص بدرب التمون يفترش السيد عبد الرحمان زربية متوسطة الحجم ليفطر هناك داعياً كل مار متأخر عن موعد الإفطار لمجلسه البسيط ومشاركته ما قسم الله..لم يدخل يوماً لمنزله إلاّ وبين يديه جريدة يومه..كان عدوا لشاي محبوب القهوة وقليلاً في إستهلاكه للماء مما عجل بوفاته في سن مبكر إثر جفاف كلوي.
رحمك الله يامن ناضل وكافح رحمك الله يا من أحب وطنه رافضاً للظلم، للمغريات التي قدمت له في طبق من ذهب مقابل إستغناءه عن نضاله رحل عبد الرحمان ورحل معه العديد من الناس ناس النية.. ناس الطيبة والعظمة.. ناس الكرم والقناعة، وناس العز..لنبقى وسط مجتمع فاقد لهويته لا هو متقدم “ouvert” كما يدعون ولا هو محافظ على ذاته !

التعليقات مغلقة.