كلمة السيد محمد يتيم وزير الشغل والإدماج المهني،بمناسبة الحفل الخاص  بتسليم شهادات وجوائز المساواة  في العمل برسم سنة 2017  

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة  والسلام على أشرف المرسلين

 حضرات السيدات والسادة :

يسرني في مستهل كلمتي بمناسبة افتتاح هذا الحفل البهيج، الذي سأتشرف خلاله بتوزيع شهادات وجوائز المساواة بين الجنسين في العمل، أن أتقدم بإسمي الخاص، ونيابة عن كافة أطر وأعوان وزارة الشغل والإدماج المهني بالشكر الموفور لشركائنا خاصة منهم الوكالة الألمانية للتعاون الدولي(GIZ) ، ومؤسسة MSI المحتضنة لمشروع وضعيتي بالمغرب بشراكة مع إدارة العمل الامريكية، وجمعية أعبابو، والجمعية الوطنية لمدبري ومكوني الموارد البشرية(AGEF)  وجمعية  (Bébé du Maroc)، كما أنوه بما أسدوه من جليل الخدمات، وما قدموه ومازالوا يقدمونه من إسهامات في مسار أوراش الإصلاح والتحديث والتنمية ببلادنا. والشكر موصول أيضا لممثلي وممثلات مختلف المقاولات، الذين لبوا دعوة المشاركة والحضور خاصة منهم النساء.

وفي نفس الإطار، أتوجه بجزيل الشكر لممثلي المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية الذين شرفونا بحضورهم، وهذا دليل واضح على انخراطهم في مسلسل المساواة باعتباره محورا أساسيا من محاور الحقوق الأساسية في العمل التي ما فتئت منظماتهم تدافع عنها في مختلف المحافل الدولية والوطنية.

إن هذا اللقاء، علاوة على ما يكتسيه من احتفالية ورمزية، فهو  فرصة سانحة للتوقف على الوضعية الراهنة لمسيرة إدماج بُعد المساواة في المسلسل الاصلاحي، سواء إن على مستوى  السياسات العمومية في شقيها التشريعي والمؤسساتي وإسهامات المجتمع المدني في هذا المجال، أو على مستوى المقاولة باعتبارها النواة الصلبة للنسيج الاقتصادي، ورافعة لكل عمل تنموي يروم تكريس مفهوم المقاولة المواطنة و مدى مسؤوليتها الاجتماعية.

حضرات السيدات والسادة :

على الرغم من الإهتمام الذي يحظى به موضوع المساواة بين الجنسين في العمل، وكذا المجهودات التي تبذلها مختلف المنظمات الدولية الحقوقية والمدنية، سيما وأن منظمة العمل الدولية قد جعلت من المساواة وعدم التمييز بين الجنسين أحد المحاور الأساسية في الإعلان العالمي للمبادئ الأساسية في العمل لسنة 1998 وإعلان العدالة الاجتماعية لسنة 2008 ، فإن وضع المرأة في العمل لازال يطرح العديد من الصعوبات  في العديد من البلدان، سيما الدول العربية منها التي لازالت المرأة فيها تعاني من التمييز في الأجور، والمهنة ، ومن ضعف المشاركة الاقتصادية.

ولاشك أن العمل في اتجاه رفع الحيف عن وضعية المرأة في العمل، يستوجب ترسيخ ثقافة المساواة بين الرجل والمرأة في كافة القطاعات الإنتاجية، وذلك بغية تحسين ظروف عملها، والنهوض بحقوقها المرتبطة بالمساواة في التشغيل، والأجور، والتعويضات، والترقيات، والتكوين، وتمثيل الأجراء داخل مختلف الهيئات التمثيلية، وكذا التمتع بكافة الامتيازات الأخرى.

ولتحقيق هذا المبتغى، فالضرورة تقتضي إشراك كافة مؤسسات الدولة والفاعلين في القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، لتعبئة الطاقات والعمل سوية بُــغية كسب رهان مساواة النوع على مختلف الأصعدة التشريعية والاقتصادية والاجتماعية. هذا، دون إغفال الإشادة بما تحقق في هذا الاتجاه في العديد من مقاولات القطاع الخاص ببلادنا، التي استطاعت أن تكون في الموعد، بإصرارها على إدماج بُعد مساواة النوع في العمل في استراتيجيتها ومخططات عملها، إيمانا منها بمكانة المرأة ودورها الفاعل في عملية الانتاج، وخلق الثروة، وقدرتها على  المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني.

حضرات السيدات والسادة :

انطلاقا من دورها وصلاحياتها في مجال إقرار مبدأ مساواة النوع في العمل، والنهوض بحقوق المرأة العاملة، و انسجاما مع المقتضيات الدستورية للمملكة، والاتفاقيات الدولية والعربية والتشريعات الوطنية ذات الصلة، فقد عملت وزارة الشغل والإدماج المهني على  وضع برنامج وطني لتفتيش الشغل والذي يتضمن أولويات وطنية وجهوية ومحلية تستهدف قطاعات وفئات تتسم بالهشاشة وعدم الاستقرار المهني. وقد أسفر هذا البرنامج عن نتائج جيدة من شأنها تحقيق التغيير الإيجابي لواقع وظروف اشتغال فئة المأجورين، خاصة داخل القطاعات التي تشغل نسبة عالية من اليد العاملة النسوية كالإستغلاليات الفلاحية، والوحدات الصناعية بقطاع النسيج والملابس الجاهزة.

وفي هذا المضمار، عملت الوزارة على تقوية قدرات أعوان تفتيش الشغل، من خلال  تنظيم ورشات تكوينية لفائدتهم ووضع برامج وطنية، وذلك بهدف الرفع من مستوى تغطية الوحدات الإنتاجية وتكثيف زيارات المراقبة   بشكل ساهم في السهر على حسن تطبيق تشريع الشغل بما في ذلك تكريس مبدأ مساواة النوع في العمل داخل المقاولة.

ومن أجل مواصلة إدماج مقاربة النوع الاجتماعي لضمان مشاركة متساوية وعادلة للرجال والنساء في سوق الشغل، عملت الوزارة على تخصيص غلاف مالي سنوي لدعم تمويل مشاريع الجمعيات التي تعمل في مجال المساواة ومحاربة التمييز بين الجنسين في سوق الشغل، حيث قامت برسم هذه السنة بإطلاق ثاني عملية طلب مشاريع موجهة للجمعيات العاملة في مجال حماية حقوق المرأة في العمل.

حضرات السيدات والسادة،

بناء على ما سبق، وجب علينا أن نجعل من هذا الحفل مناسبة حميدة لاستشراف المستقبل وإتاحة الفرصة للمقاولات عندما يتجدد لقاؤها، أن تلاقح أفكارها وتتبادل التجارب والممارسات الفضلى، وذلك لتحفيز همم باقي المقاولات للسير على نفس النهج، وذلك بالمراهنة على الطاقات النسائية الواعدة القادرة على البذل والعطاء وإثبات الذات.

وفي الأخير، لا يسعني إلا أن أشدد على ضرورة النهوض بحقوق النساء في بلدنا، ونشر  ثقافة مساواة النوع، والدفاع عنها كقيمة إنسانية قبل كل شيء، باعتبارها مسؤولية، وواجب وطني يقع على عاتق كافة فعاليات المجتمع وأجهزة الدولة، ولن يتأتى ذلك إلا بتكثيف جهودنا جميعا، وحشد الهمم، للارتقاء باقتصادنا الوطني وتحقيق التنمية المنشودة، والتأسيس لمقاولة مغربية مواطنة قوية قادرة على المنافسة والاستمرار، بكفاءات نسائها ورجالها، لتكون أداة حقيقية للتنمية المستدامة والتقدم المنشود تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس نصره الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التعليقات مغلقة.