كلمة السيد محمد يتيم وزيــــــر الشغل والإدماج المهني خلال مراسيــــــــم التوقيـــــع على اتفاقيـــــــة الشغل الجماعيــــــــة

الدار البيضاء :   24 مايو 2017

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه

 

  • السيد والي جهة الدار البيضاء – سطات ؛
  • السيد عامل مقاطعة عين السبع الحي المحمدي؛
  • السيد المدير العام لشركة” لافوا اكسبريسla Voix Expresse ” ؛
  • السيد الكاتب العام للكنفدرالية الديمقراطية للشغل ؛
  • السيدات والسادة أطر  ومستخدمي الشركة ؛
  • السيدات والسادة ممثلو المكتب النقابي بالشركة؛
  • حضرات السيدات والسادة .

يسعدني أن أتواجد معكم اليوم في مدينة الدار البيضاء القطب الإنتاجي الوطني المتميز، الذي  يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عناية خاصة، لكونه يشكل عمق الاقتصاد الوطني وقاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، وذلك بمناسبة حضور مراسيم التوقيع على اتفاقية الشغل الجماعية التي تهم شركة ” لافوا  إكسبريسla Voix Expresse ، والتي جاءت تتويجا لمسلسل المفاوضات الجماعية المباشرة بين مسؤولي  هذه الشركة والمكتب النقابي بها التابع للكنفدرالية الديمقراطية للشغل.

كما أغتنم هذه المناسبة لأهنئ الطرفين الموقعين  على هذه الاتفاقية  على هذا الإنجاز التعاقدي الهام والبناء، وعلى روح المسؤولية المشتركة والتعاون والثقة المتبادلة، وعلى  إيمانهم بمبدأ الشراكة المبنية على أساس رابح – رابح، التي قادتهم  إلى إنجاح مسلسل المفاوضات الجماعية المباشرة،  وتتويجه بالتوقيع على هذه الاتفاقية الهامة، التي بدون شك ستشكل جيلا جديدا ينضاف إلى الرصيد  الذي راكمته بلادنا في مجال القانون التعاقدي للشغل، ولازالت تسعى جاهدة من أجل إغنائه عبر تشجيع أطراف الانتاج على اللجوء إليه، وجعله أحد مصادر التشريع الاجتماعي الكفيلة بتحقيق التوازن في العلاقة الشغلية والإجابة عن  مختلف الخصوصيات التدبيرية التي غالبا لا تشملها  أحكام القوانين العادية للشغل، كما ستكون لها آثار ايجابية على واقع ومستقبل شركة ” لافوا  إكسبريسla Voix Expresse ” من خلال تطوير العلاقات المهنية واستقرار المناخ الاجتماعي والترقية الاجتماعية للموارد البشرية وعلى تعزيز التنافسية والرفع من مستوى  الخدمات التي تقدمها الشركة وجودتها لفائدة  زبنائها.

 

 

 

حضرات السيدات والسادة ؛

عرفت بلادنا أنشطة توريد السلع والخدمات منذ القدم منذ إحداث قطاع البريد وعرفت تطورا مهما من حيث تنظيمها ومن حيث الخدمات التي تقدمها لعموم المرتفقين، كما شكلت أحد المهام الاستراتيجية للسلطات العمومية  لفترات طويلة، ولكن مع التحولات التي طرأت على وظائف الدولة وتبني خيار الخوصصة  فقد تم تحرير هذا المرفق  الحيوي الذي أصبح يسير عن طريق الخواص وفق دفاتر للتحملات تضبط حقوق وواجبات الشركات العاملة في  هذا المجال وزبنائها.

وتبعا لهذه التحولات فقد أصبحت أنشطة  توريد السلع والخدمات أحد أهم الانشطة الواعدة بالمغرب، وتشكل مكونا استراتيجيا ضمن مخطط النهوض بقطاع اللوجستيك، و بدونها لايمكن النهوض بهذا القطاع وتنويع مرتكزاته وجعله على رأس مصادر التنمية والتحديث ببلادنا. وكنتيجة مباشرة لمجموع المبادرات والمجهودات المبذولة في إطار  تنفيذ هذا المخطط، فقد تم توفير بنيات عصرية وملائمة لاستقبال الاستثمارات المرتبطة بأنشطة توريد السلع والخدمات وإحداث شركات متخصصة في هذا المجال والتي نجد من بينها  شركة” لافوا  إكسبريسla Voix Expresse “.

لقد دخلت أنشطة  توريد السلع والخدمات مرحلة جديدة من النمو والإقلاع توجت بإحداث ديناميكية مهمة على مستوى وعاء الخدمات  التي تقدمها، وعلى مستوى القيمة المضافة التي تنتجها ، ومساهمتها الفعالة في تنويع وتطوير “محفظة التشغيل” (Portefeuille d’Emploi) من خلال الرفع المضطرد لعروض التشغيل، والمساهمة  في خلق التوازنات الاقتصادية والاجتماعية.

حضرات السيدات والسادة ؛

لا يمكن لمقاولة كيفما كان حجمها وطبيعة نشاطها أن ينتج نموها الاقتصادي آثاره دون أن تتم مواكبته من خلال إيلاء العناية اللازمة والكافية  للجوانب الاجتماعية ، وذلك من خلال الحرص على تدبير العلاقات المهنية ،واستقرار المناخ الاجتماعي وتحفيز وتطوير العنصر البشري ، ولا يمكن بلوغ ذلك كله إلا من خلال تطوير مجالات  وآليات التعاون البناء والمسؤول بين طرفي الانتاج داخل المؤسسة الانتاجية، وتبنيهم  الإرادي لخيار المفاوضة الجماعية وجعله وسيلة وغاية في نفس الوقت  في التعاطي مع مختلف القضايا المرتبطة بتدبير شؤون المؤسسة الآنية والمستقبلية. إلا أنه في نشاط من قبيل توريد السلع والخدمات المتميز بأنماط وأنساق جديدة في الإنتاج والعلاقات الشغلية، لا يشملها في غالب الأحيان تأطير القوانين العادية للشغل Lois Étatique du Travail ،فإنه يبقى ضروريا وضع قواعد تتلاءم وخصوصيات هذا النشاط ورهاناته الاقتصادية والاجتماعية، من خلال اللجوء إلى القانون  التعاقدي للشغل conventionnel du travail droit .

حضرات السيدات والسادة؛

يشكل توقيع هذه الاتفاقية مناسبة للوقوف على مستوى الدينامية المهمة التي أصبح يعرفها مجال النهوض بالمفاوضة الجماعية وتشجيع القانون التعاقدي للشغل ببلادنا، والتي توجت بإبرام العديد من اتفاقيات الشغل الجماعية في مختلف القطاعات الإنتاجية، وهمت مختلف جهات المملكة وعلى رأسها جهة الدار البيضاء – سطات التي شكلت على الدوام القطب الاقتصادي والاجتماعي الرائد في مجال إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية.

هذه الدينامية تعود بالأساس إلى وجود إطار تشريعي وتنظيمي ملائم وإلى المجهودات الجبارة التي تبذلها مصالح وزارة الشغل والإدماج المهني في إطار اختصاصاتها المتمثلة في السهر على تطبيق القانون وتقديم الاستشارة للمشغلين والأجراء، وتدبير المناخ الاجتماعي، والمساهمة في النهوض بالمفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، دون أن ننسى المجهودات التي يبذلها الشركاء الاجتماعيون في هذا المجال من خلال  السعي الحثيث إلى تقوية روابط الثقة وتعزيز مستويات التعاون فيما بينهم ، والاستثمار في العنصر البشري وتمكينه من ثقافة وتقنيات التفاوض الجماعي.

فعلى المستوى المعياري فقد استطاعت بلادنا أن تلائم تشريعنا الاجتماعي مع أحكام اتفاقيات العمل الدولية ذات الصلة بمجال المفاوضة الجماعية من بينها اتفاقية العمل الدولية رقم 98 المتعلقة بحق التنظيم والمفاوضة الجماعية والاتفاقية رقم 154 حول تشجيع المفاوضة الجماعية واتفاقية العمل العربية رقم 11 حول المفاوضة الجماعية ، وعملت على دسترة الحق في المفاوضة الجماعية ضمن أحكام دستور 2011 ،من خلال التنصيص في الفصل 8 منه على أنه “تعمل السلطات العمومية على تشجيع المفاوضة الجماعية وعلى إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية …”، ووضعت إطارا قانونيا ومؤسساتيا  مضبوطا وشاملا للمفاوضة الجماعية واتفاقيات الشغل الجماعية ضمن مقتضيات مدونة الشغل.

وعلى المستوى  العملي  وعلى الرغم من احترامها للطابع الاختياري للمفاوضة الجماعية بين طرفي الانتاج، فقد جعلت الوزارة من النهوض بالمفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية إحدى أولويات عملها، ووضعت لهذا الغرض برنامجا وطنيا للنهوض بالمفاوضة الجماعية يتم تنفيذه على المستوى الجهوي، بهدف تشجيع ومواكبة المقاولات المؤهلة لإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، وقد تم إعداد هذا البرنامج وفق مقاربة تشاركية مع الشركاء الاجتماعيين، وتم عرضه خلال الدورة الثامنة لمجلس المفاوضة الجماعية المنعقد بتاريخ 28 مارس 2017 من أجل دراسته والمصادقة على أهدافه ومنهجية تنفيذه،وسيتم الشروع في تنفيذه  ابتداء من هذه السنة، فضلا عن ذلك يتقاطع هذا البرنامج الوطني مع برنامج جهوي ينفذ على مستوى جهة الدار البيضاء- سطات في إطار الميثاق الاجتماعي الموقع بين الشركاء الاجتماعيين على مستوى هذه الجهة، ثم  مع برنامج التعاون الدولي الذي يجمع الوزارة  مع مكتب العمل الدولي والذي يروم النهوض بالمفاوضة الجماعية داخل الاستغلاليات الفلاحية بثلاث مناطق ( سوسة- ماسة ، القنيطرة ومكناس ) ومساعدتها تقنيا من أجل الوصول إلى ابرام اتفاقيات شغل جماعية، ولا شك ستساهم كل هذه الجهود في تطوير القانون التعاقدي للشغل وفي الاستقرار الاجتماعي داخل الوحدات الانتاجية وتعزيز تنافسيتها الاقتصادية.

حضرات السيدات والسادة؛

و في الختام، أهنئ الطرفين  على هذا النجاح التفاوضي الهام الذي توج بالتوقيع على هذه الاتفاقية  الجماعية، كما  لا تفوتني الفرصة كذلك لكي أهنأ جميع من ساهم من بعيد أو قريب في  إعدادها ، وأن  أؤكد لكم جميعا أن  نتائج هذه الاتفاقية وآثارها الايجابية لن تقتصر على الشركة وأجرائها  فقط بل ستكون لها، بالنظر لرهاناتها الاقتصادية والاجتماعية الواعدة، آثار على مستوى جودة الخدمات التي تقدمها لفائدة زبنائها سواء كانوا اشخاصا ذاتيين أو معنويين، وعلى مستوى تطوير التشريع الاجتماعي والارتقاء بالحقوق الاساسية في العمل وتكريس مبدأ العمل اللائق والمنتج بالشركة، وعلى مستوى تنافسية الشركة وعلى الاستقرار الاجتماعي واستدامته  بها.

 

كما أؤكد لكم أن هذه الوزارة تعمل جاهدة على تثمين دور الشركاء الاجتماعيين وتعزيزه إيمانا منها بأدوارهم الدستورية داخل المجتمع، وتواكب عن كثب كل مستويات المفاوضة الجماعية ومجالاتها بمختلف جهات وأقاليم المملكة، وتتابع مختلف مشاريع اتفاقيات الشغل الجماعية، وتقديم المشورة التقنية والقانونية للأطراف المتفاوضة بشأنها، بهدف تطوير القانون التعاقدي للشغل وجعله آلية فضلى للنهوض بالعلاقات المهنية في شموليتها والارتقاء بها تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

التعليقات مغلقة.