مواصفات المدرس الناجح لمادة التربية الإسلامية

مواصفات المدرس الناجح لمادة التربية الإسلامية

في إطار الندوة الوطنية التربوية التي سينظمها “مختبر الدراسات الإسلامية والتنمية المجتمعية” يوم الخميس و الجمعة 1 و 2 مارس 2018 بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالجديدة تحت عنوان: “مقاربات بيداغوجية في تجويد تدريسية التربية الإسلامية”، كان لا بد لنا أن نبرز دور المدرس في تحسين و تجويد التعليم، و من باب أولى تدريس مادة التربية الإسلامية.

إن العملية التعليمية التعلُّمية تدور حول ثلاثة أقطاب رئيسية هي: المتعلم و المدرس و المعرفة، و هذه الأطراف الثلاثة تتقاسم و تتشارك المسؤولية في نجاح هذه العملية أو فشلها. لكن رغم الاختلاف الحاصل بين الباحثين و المحللين لهذه العملية حول مدى مسؤولية كل قطب من هذه الأقطاب لاعتبارات مختلفة، يبقى دور الأستاذ مهما و حاسما في بيان و إبراز مدى إيجابية الأقطاب الأخرى أو سلبيتها. فما هي مواصفات مدرس مادة التربية الإسلامية الناجح؟ و ما الدور المنوط به في تحسين و تجويد تدريس هذه المادة؟

أولا: الانسجام بين سلوك المدرس و علمه.

تعتبر هذه القاعدة من القواعد الأساسية لتحقيق الجودة في التعليم، لأن تجويد التعليم مرهون من جهة بأخلاق المعلم و صفاته، و مرتبط بعلمه و معارفه من جهة أخرى.

فالانسجام بين الأخلاق و العلم هو أول ما يجب أن يتصف به المدرس كونه قدوة للمتعلم في كل ما يعلم، فما يأخذه هذا الأخير و يستفيد منه عن طريق القدوة أشد أثرا مما يتلقاه بالأفكار المجردة عن التطبيق العملي، لذلك لا بد للمدرس من موافقة عمله لعلمه كما عبر عن ذلك الشاعر في هذه الأبيات القيمة:

يـــــــــــــا أيه الرجل المـــعلم غيره    هـــــلا لنفسك كان ذا التعليم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها    فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما تقول و يقتدى    بالعلــــــــم منك و ينفع التعليم

و نراك تصلح بالرشاد عقولنا   نصحا و أنت من الرشاد عديم

لا تنه عن خلق و تأتي مثــــــله    عــــــــار عليك إذا فعلت عظيم

و من أهم الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها المدرس: الحلم و الرفق بالمتعلمين، لقول معلم البشرية الأول سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم: “إن الله يجب الرفق في الأمر كله” رواه البخاري. فالرفق في التعليم حسن و بهاء، و بغيره قبح في المعلم و ضرر على المتعلم.

و من الرفق بالمتعلمين أن تكون صلة المدرس بتلاميذه صلة الأب بأبنائه، أو الأخ بإخوانه، فهو يقابلهم بوجه طلق بشوش، و نبرة صوتية محببة، فتتهيأ مشاعر المتعلمين ووجدانهم لاستقبال العلوم و المعارف بكل شغف، و ذلك أن الأستاذ لا يشتغل على آلات، و إنما على عقول و بنيات ذهنية متفاوتة و متباينة من ناحية القدرات الاستيعابية و الإيقاع التعلُّمي.

ثانيا: دور الأستاذ في الربط بين المتعلمين و مادة التربية الإسلامية.

إن من شأن مدرس المادة أن يخلق أجواء صحية داخل القسم، محفزة على التلقي و التجاوب، و تحويل المتعلمين من أقصى درجات النفور و الابتعاد، إلى أعلى درجات التجاوب و الاهتمام. و لتحقيق هذه الغاية، نضع بين أيدي القارئ المعينات و الوسائل التالية:

  • أن يعتز الأستاذ بالمادة التي يدرسها و يفتخر بالتخصص فيها و مدى أهميتها و أفضليتها، فهي مادة تتناول الإسلام عقيدة و أخلاقا و معاملات و مناهجا.
  • أن يزاول المدرس مهنته بشكل رسالي و ليس مهني فقط، فهو يبتغي الأجر و الثواب من دعوته إلى الله و نشره للخير بين صفوف متعلميه.
  • أن يبين للتلاميذ بأن مادة التربية الإسلامية ليست مجرد مادة للدراسة فقط، و إنما هي مادة تعرف المتعلم على دينه و على أحكامه و تعاليمه الصالحة.
  • أن يعد دروس المادة إعدادا جيدا فيستوعب معلومات الدرس الواردة في الكتاب المقرر، و يعمل على إغنائه و تكميله من خلال كثرة المطالعة، و مواكبة كل مستجد علمي أو معرفي أو بيداغوجي، مرتبط بتقنيات الإعداد الجيد و حسن توظيفها، دون الانفصال عن الواقع المعيش، لكي لا يفهم أن بعض دروس المادة عديمة الفائدة أو أنها خارج الواقع.
  • أن يفتح باب المناقشة داخل القسم، و يشجع المتعلمين على طرح الأسئلة و إبداء الآراء دون خجل أو خوف، مما يسهم في بناء شخصيتهم و مواقفهم الفكرية و المعرفية.

و ختاما، تجدر الإشارة إلى أن مسؤوليات مدرس مادة التربية الإسلامية لا تنحصر داخل القسم، بل تتعداها إلى مسؤوليات داخل المؤسسة التعليمية التي يعمل بها، و مسؤوليات داخل بيته مع أسرته ثم إلى مسؤوليات داخل مجتمعه تعكس روحه الرسالية التواقة لنشر الخير حيثما حلت و ارتحلت.

لائحة المصادر و المراجع:

  • “الرسول و العلم”، الدكتور يوسف القرضاوي، دار الصحوة للنشر، القاهرة.
  • “التربية و التعليم في المدرسة المحمدية”، الدكتور عبد الكريم العكيوي
  • “تربيتنا”، مجلة تربوية، العدد 1 جمادى الأولى 1419ه/ شتنبر 1998م

الطالبة الباحثة: نجاة بوكيلي

 

التعليقات مغلقة.