ندوة للجمعية الوطنية للمصحات الخاصة

أش واقع: حسام أديب

تعتبر الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، مؤسسة تمثل أكثر من 600 مصحة ومؤسسة مماثلة، عملت بعد تجديد بنيتها التنظيمية على تكريس مبدأ الحكامة وتنزيله في سياق هيكلة تروم تفعيل الجهوية، حيث تم في هذا الصدد تشكيل مكاتب على صعيد الجهات، إضافة إلى إحداث مجلس وطني للمؤسسات الاستشفائية الخاصة الذي يضم في عضويته أعضاء المكتب المركزي والمكاتب الجهوية، كما تقدّمت الجمعية بمقترح الالتحاق بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، وذلك حتى يلج القطاع الصحي الخاص النسيج الاقتصادي المغربي.

إن خطوات إعادة الهيكلة والتنظيم السالف ذكرها، ستمكّن بكل تأكيد الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة من المشاركة الناجعة والفعالة بهدف تحسين وتطوير وتجويد النظام الصحي ببلادنا، فالقطاع الخاص يقوم بدور أساسي ومحوري في هذا الصدد، بالرغم من النظرة التي يُنظر إليه بها من طرف البعض، نتيجة لمغالطات تكون غير صحيحة في كثير من الأحيان، فهو يستقبل 90 في المئة من المواطنين المؤمّنين المتوفرين على تغطية صحية، ويتكفّل بحوالي 60 في المئة من المرضى عموما، ويضع رهن إشارتهم 9600 سرير طبي من مجموع الأسرّة الاستشفائية التي تقدّر عموما بحوالي 36 ألف سرير، إضافة إلى الإمكانيات التقنية والتجهيزات البيوطبية الحديثة المتوفرة في هذه المصحات، والتي تساهم في الاستجابة لحاجيات المرضى على نحو أفضل.

إن المردودية عالية الجودة للقطاع الخاص التي تهدف لخدمة صحة المواطنين والمساهمة في تطوير المنظومة الصحية لا يواكبها بشكل ناجع نظام التأمين الصحي المعتمد منذ 10 سنوات، فالتعريفة المرجعية الوطنية المعتمدة هي لم تعد تسمح بتأمين تكفل صحي بالجودة المطلوبة، وسلّة العلاجات الجامدة باتت غير قادرة على مواكبة مراجع الممارسة السليمة الحديثة، وهو ما يجعل من مراجعة التعريفة المرجعية خطوة أساسية وضرورية لتمكين المريض المغربي من الولوج إلى علاجات مرنة لا يكون مطالبا بعدها بتحمل باقي التكاليف العلاجية.

لقد ساهم القطاع الخاص أيضا في بلورة شراكات مع القطاع العام، كما هو الشأن بالنسبة لحصص تصفية الكلي المعروفة بـ ( الدياليز )، وهو ما سمح للمرضى المستفيدين من نظام المساعدة الطبية ( راميد )، بإجراء حصص غسيل الكلي بمصحات القطاع الخاص وذلك في إطار اقتناء الخدمات من طرف وزارة الصحة والتي عرفت نجاحا كبيرا، الأمر الذي مكّن من تقليص لوائح الانتظار بالمستشفيات العمومية وساهم في إنقاذ حياة كثير من المرضى.

نجاح يسعى القطاع الخاص لكي لا يبقى مقتصرا على مجال تصفية الكلي ويعمل على بحث سبل تعميمه على مجالات صحية أخرى بتقوية وتعزيز الشراكة مع القطاع العام في الاتجاهين معا، فالعلاقات المرنة بين الجانبين، والموارد المشتركة والمكمّلة لبعضها البعض على مستوى القطاعين العام والخاص، لا يمكن إلا أن تحسّن من ولوج المرضى المغاربة للعلاج وجودة الخدمات الصحية المقدّمة لهم.

إن القطاع الخاص وبالرغم من كونه شريكا أساسيا وفاعلا محوريا وجزءا لا يتجزأ من المنظومة الصحية ببلادنا، التي يسهم قدر الإمكان في تطويرها، تعترضه العديد من الإكراهات والصعوبات التي تقوّض من مجهوداته، كما هو الحال بالنسبة لكلفة العقار وعدد من المعايير التي ساهمت في إبطاء وتيرة ودينامية خلق وإحداث مصحات خاصة، إضافة إلى نظام ضريبي غير عادل يتّسم بالتعقيد ويثقل الكاهل ويكثر من الجزاءات، الأمر الذي يفرمل من آفاق تطور وازدهار قطاع يحرص على أن يكون اجتماعيا، فمن غير المعقول القبول بتحميل المرضى والمؤسسات الاستشفائية ثقل الضريبة على القيمة المضافة، لأن نظاما ضريبيا بهذا الشكل إضافة إلى كلفة ثقيلة للاستثمارات الطبية هي في تنامي متواصل سترخي لا محالة بظلالها على تطور عرض العلاجات بالقطاع الخاص وستؤدي بدون شك إلى خلق مشاكل حقيقية تؤثر على نموه. إكراهات وتحديات ينضاف إليها كذلك الخصاص الذي تعرفه الموارد البشرية في قطاع الصحة، فعدد من التخصصات الطبية هي تعاني من نقص حاد ومهول في الأطر الطبية وشبه الطبية، ومؤسسات معاهد التكوين الشبه الطبي بات خرّيجوها معدودين على رؤوس الأصابع، كما أن القوانين المنظمة لبعض المؤسسات الخاصة يعتريها الغموض، فضلا عن كون مساعدة الدولة في مجال التكوين هي ليست في مستوى الانتظارات.
في خضم كل هذا، جاء القانون 131.13 الذي خرج إلى حيّز الوجود منذ 3 سنوات، الذي تمّ تبنّيه بهدف الإجابة عن الخصاص والاحتياجات التي يعرفها قطاع الصحة ببلادنا، حيث منح إمكانية فتح رأسمال المصحات الخاصة على المستثمرين من غير الأطباء، الذين أصبح مخوّلا لهم قانونا إحداث مؤسسات استشفائية خاصة، لكنه للأسف لم يف بالوعود التي قدّمها، وخلافا لذلك سُجّل تراجع عكسي، أخذا بعين الاعتبار أن هذا القانون أدى إلى تعطيل وتعثر مساطر فتح المصحات الخاصة، وسُجّل تأخر في النصوص التطبيقية.

إن القطاع الخاص يسعى اليوم للمساهمة بشكل أوسع وأكبر وأكثر قوة في تطوير المنظومة الصحية ببلادنا، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا بحوار مفتوح جادّ وبناء ومثمر مع كافة الشركاء.

التعليقات مغلقة.