موضة الشبكات الاجتماعية

في خريف 2008، كانت شبكات التواصل الاجتماعي (خاصة فيسبوك وتويتر) تلك الصهوة التي امتطاها الرئيس الأمريكي باراك أوباما لدخول ذلك البيت الأبيض، ويحقق إنجازا تاريخيا غير مسبوق، وهدم جدار غير مرئي كان يمنع على غير البيض من الاقتراب من مقر الرئاسة الأمريكية.

بعدها أخذ الكثير من السياسيين في العالم الغربي يقتادون بما قام به أوباما، وصارت الشبكات الاجتماعية تلك الجبهة الافتراضية التي تحسم فيها المعارك السياسية التي تجري على أرض الواقع.في المغرب لوحظ في الآونة الأخيرة إقبال للأحزاب على هذه الشبكات، وأخذ قادتها يرحلون إلى «فيسبوك» و»تويتر»، ويحاولون التواصل مع المغاربة الذين يرتادون هذين الموقعين.

ومع انطلاق الحملة الانتخابية لاقتراع 4 شتنبر المقبل، بل وحتى قبلها، انخرط العديد من المرشحين في حملاتهم على هذه الشبكات الاجتماعية (من خلال منشورات والكثير من الصور والفيديوهات)، ظنا منهم أن العالم الافتراضي خزان مهم للأصوات ووسيلة فعّالة لاستمالة المترددين وتقوية عزائم الأنصار.

في تقديري لن تكون الوسائل الافتراضية فعّالة بذلك القدر الذي يتوقعه البعض، على الأقل في الانتخابات المحلية والجهوية التي ستجري يوم الجمعة المقبل. وذلك لأسباب دعني أذكر منها:

1 ــ لم تصل بعد علاقة الكائن المغربي بهذه الشبكات الاجتماعية وبالأنترنت عموما إلى درجة عالية من الحميمية تجعله يقرر من خلالها، وبناء عليها، كما هو الحال في العديد من المجتمعات المتقدمة، حيث يمكن اعتبار ظهور هذه الوسائل التكنولوجية نتيجة لتطور مفهوم الفرد الكامل في فردانيته.

إذ في الغرب صارت المواقع الاجتماعية وشبكة الأنترنت عموما بالنسبة إلى الفرد، الذي يصنع الجماعة وليس العكس، لم تعد مجرد وسيلة للتواصل، بل صارت وسيلة عادية لتدبير الحياة اليومة (شراء كل شيء تقريبا.. حجز تذاكر وسائل النقل، أداء فواتير الماء والكهرباء.. التسوق.. إلخ).أما عندنا، حيث مازالت الجماعة تهمين على الكائن المغربي وتسحقه، فمازال العالم الافتراضي والشبكات الاجتماعية في العمق، صدى قويا لصيحات الاحتجاج المكتومة.. نافذة لكشف ما يسعى المتحكمون في الواقع إلى حجبه من فضائح. ولا أحد يشك في أنها أبانت عن فعالية مهمة في العديد من القضايا الاحتجاجية.

2 ــ صحيح أن عدد الذين يرتادون الفيسبوك في المغرب مثلا يتجاوز الـ7 ملايين نسمة، وهو الأمر الذي يجعل نظريا من هذا الموقع الاجتماعي خزانا هائلا للأصوات. ولكن من سوء حظ أحزابنا، فجل رواد هذا الموقع (وحتى موقع تويتر) ليسوا من الفئات التي تقبل على التصويت، بل على العكس من ذلك، لا تخفي تبرمها الكبير من كل الأحزاب، بل ولا تبدي ثقة كبيرة بالمسلسل الانتخابي أصلا، وكثرة التعليقات الساخرة وكثرة التعاليق القاسية المبثوثة في هذا الفضاء الأزرق دليل على ذلك.

ولعل كل الأحزاب حدست هذا الأمر، فراحت تعتمد على الوسائل «التقليدية» و»الفعالة» من أعيان وسماسرة وشبكات العلاقات العائلية والقبلية، أما الشبكات الاجتماعية فهي من قبيل تلك الموضة التي «إن لم تنفع فلن تضر»…

مبارك لمرابط

التعليقات مغلقة.