ما أعظمك ياحسين

محمد أبوخصيب
إن من يقلب في صفحات التاريخ الإسلامي لابد أن تستوقفه سيرة الحسين بن علي رضي الله عنهما هذا الشخص الذي ضحى بنفسه و ماله من أجل إعلاء راية الحق قرر فعزم أن يثور ضد طغمة عاتت فسادا فوق الأرض فرقت الأمة و جعلت من القمع شعارا لها , سماه خير الخلق حسينا و قال في سيد شباب اهل الجنة «مَن أحبّ الحسن والحسين (عليهما السلام) أحببته ومَن أحببته أحبّه الله ومَن أحبّه الله عزّوجلّ أدخله الجنة ومن أبغضهما أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله ومن أبغضه الله خلّده في النار» و قال فيه أيضا : «حسين مني وأنا من حسين أحبَّ الله من أحب حسيناً حسين سبط من الأسباط»
و كان صلى الله عليه و سلم يوما ما خارجا من بيت عائشة مارا ببيت فاطمة فسمع الحسين يبكي فقال لها ألم تعلمي بكائه يؤذيني وكان (صلّى الله عليه وآله) أيضا إذا رأى الحسين مقبلاً قبله ورشف ثناياه وقال: «فديت مَن فديته بابني إبراهيم» فما اعظم أن يفديه خير الخلق بهذا الفداء العظيم
كان مثلا للفضائل و لمكارم الأخلاق و من أزهد أناس و أكثرهم تعبدا و عندما خرج في ثورته الكبرى ما كان آشرا ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً, وإنما انطلق ليؤسس معالم الاصلاح في البلاء ويحقق العدل الاجتماعي بين الناس حيت قال ما خرجت اليوم طمعا في السلطة و لا المال و لكن لأصلح ما فسد في أمة جدي رسول الله
ان الحسين عليه السلام قد احترم الذي رضيه أخوه الشهيد فلم يشهر سيفاً في وجه معاوية طيلة حياته، لكنّ معاوية نقض العهد والميثاق وسلّم خلافة الإسلام والمسلمين إلى ابنه الفاجر، الذي ما إن مات أبوه حتّى أصدر أوامره إلى الوليد، عامله على المدينة كي يأخد البعية من الحسين فصمت الأخير و لم يجبه الى الصباح قائلا : «أيّها الأمير، إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحلّ الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب خمر، قاتل النفس المحرّمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون، ونرى وترون» تلك اللحظة هي الزمن الحقيقي و المفصلي الذي استشهد فيه عندما قال لا الظلم و الطغيان
خرج الى مدينة متوجها الى مكة و من تم العراق متوجها الى الكوفة لكنّ أعوان ابن زيادٍ بقيادة الحرّ بن يزيد الرياحيّ منعوه من التقدّم، واضطرّوه للنزول في أرض جافّة محرقة تدعى كربلاء، وحين سمع باسمها سرح في تفكير عميق ثم قال: «هذا موضع كرب وبلاءٍ، هاهنا مناخ ركابنا، ومحطّ رحالنا، وسفك دمائنا . .». ثمّ أمر بنصب الخيام , حلت ليلة العاشر من محرم فجمع الإمام أصحابه وأهل بيته، وقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «أمّا بعد، فإنّني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً. ألا وإنّي لأظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً، وإنّي قد أذنت لكم جميعاً، فانطلقوا في حلّ ليس عليكم مني ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً . . فإنّ القوم إنّما يطلبونني، ولو أصابوني لهوا عن طلب غيري»
يا لروعة الكرامة الإنسانية لقد أوضح الإمام لهم كلّ شيءٍ، وحدّد لهم مصيرهم وهو القتل، ليكونوا على بيّنة من أمرهم، ورغب أن ينصرفوا تحت جنح الظلام، فيكون لهم ستاراً، كما أنّ الظلام يخفي خجلهم إن هم رغبوا في فراقه.
لكنّه لم يكد يفرغ من كلامه، حتى هبّت الصفوة الطيبة من أهل بيته يتقدّمهم أخوه العباس قائلين: «لم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً».
وتبعهم خيرة أصحاب الحسين، أمثال حبيب بن مظاهر، ومسلم بن عوسجة، وزهير بن القين وغيرهم، وأعلنوا ترحيبهم بالموت في سبيله. وحين أكّد لهم أنّهم سيلاقون حتفهم هتفوا جميعاً: الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك، وشرّفنا بالقتل معك.
لقد أشرقت نفوسهم بنور الإيمان، وكانوا من خيرة الرجال صدقاً ووفاءً.
في هذه الليلة، وفي قلب كربلاء؛ في الخيام التي تسمع منها همسات الشوق إلى الشهادة، وقف الإمام الحسين عليه السلام بين صفوة أهله وخيرة أصحابه يحدّثهم فيحسّون بالسّكينة تتنزّل على
قلوبهم، ويشعرون بنفوسهم خفيفةً شفّافةً تكاد تطير شوقاً إلى الشهادة، وبقلوبهم تهفو إلى لقاء ربّهم، فيبثّون إليه نجواهم وبوح قلوبهم. ويتوجّهون إليه بالتماس العفو والغفران يقولون: ربّنا اغفر لنا، وتجاوز عن خطيئاتنا، واجعل لنا مكاناً في جنّتك واحشرنا مع الطّيّبين الطاهرين من صفوة خلقك. ربّنا وتفضّل بقبول هذه القرابين من أهل بيت نبيك، ربّنا وأسمع صوتنا ونداءنا إلى خلقك، ربّنا واجعل من موطن قرباننا هذا ميعاداً لعبيدك، ربّنا وأرنا مناسكنا وتب علينا يا ربّ العالمين.
أمّا في المعسكر الآخر، فكانت أصوات الطّبول والمزامير تمزّق بصخبها سكون الليل وهدوءه، بينما انصرف اليزيديون إلى الأكل والشرب كالبهائم يغمرهم فرح يزيدي أثيم.
أطلّت شمس عاشوراء برأسها من وراء الأفق، ووقف جيش الحقّ في مواجهة جيش الباطل، وأعطى عمر بن سعدٍ أوامره لجنوده، فرموا ابن رسول الله قتلوه و قتلوا الكل اخترق جسده سبعين رمحا و فصل الرأس عند الجسد نكلوا به ديس جسده و أجساد أهل البيت بحوافر الخيل أرادو سبي بناته أقاموا المجون في نصره عليه قدم رأس سيد شباب أهل جنة ليزيد فقال و الفرح يغمره لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل !! هكذا تكون الأخلاق
أستشهد الحسين لكنه مازال حيا في قلوب الناس لا يجب أن تبكي أمة و فيها الحسين, فكل من يقدس الثقافة الغربية و يجحد الثورة الحسينية اليكم أهم ما قاله المفكرون و المستشرقون و الكتاب الغير المسلمين
انطوان برا ( مسيحي ) لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية و لأقمنا له في كل أرض منبر و لدعونا الناس الى المسيحية بإسم الحسين
المستشرق الإنجليزي ادوار ديروان : و هل ثمة قلب لا يغشاه الحزن و الألم حين يسمع حديتا عن كربلاء ؟ و حتى غير المسلمين لا يسعهم انكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلها .
الكاتب الإنجليزي المعروف كارلس السير برسي سايكوس ديكنز : إن كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام.
الهندوسي والرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي تاملاس توندون : هذه التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الإمام الحسين رفعت مستوى الفكر البشري، وخليق بهذه الذكرى أن تبقى إلى الأبد، وتذكر على الدوام.
الزعيم الهندي غاندي: لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين.
مودوكابري ريس:يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام، ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد،إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة، لنتخلص من نير الاستعمار، وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة.
توماس ماساريك: على الرغم من أن القساوسة لدينا يؤثرون على مشاعر الناس عبر ذكر مصائب المسيح، إلا أنك لا تجد لدى أتباع المسيح ذلك الحماس والانفعال الذي تجده لدى أتباع الحسين لا تمثل إلا قشة أمام طود عظيم.
العالم والأديب المسيحي جورج جرداق: حينما جنّد يزيد الناس لقتل الحسين وإراقة الدماء، وكانوا يقولون: كم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الحسين فكانوا يقولون لو أننا نقتل سبعين مرة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بين يديك ونقتل مرة أخرى أيضاً.
المستشرق الإنجليزي السير برسي سايكوس : حقاً إن الشجاعة والبطولة التي أبدتها هذه الفئة القليلة، على درجة بحيث دفعت كل من سمعها إلى إطرائها والثناء عليها لا إرادياً. هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لا زوال له إلى الأبد
لو ضللنا نسرد مناقب هذا الثائر العظيم ما انتهينا و لألفنا الكتب و المجلدات سيظل حيا في قلوب كل من عشقوه أشعل قبسا من نور قبل 14 قرنا و لا زال وهجه سطعا لحد الآن

التعليقات مغلقة.