اسبانيا بين الموقف الاستراتيجي والتكتيكي

عز الدين الكانوني 

هل اقتنعت اسبانيا بحتمية الجغرافيا…؟ تغيير القراءة الجيوستراتيجية ليس مجرد ترف يقع على هامش الاحداث، انما هو قناعة مدركة ولو بعد حين… المغرب واسبانيا محكومان بالتاريخ واساسا بالجغرافيا… فلا المغرب يمكنه ان يبتعد عن اسبانيا … وليس بمقدور اسبانيا الغاء المغرب من المعادلة الجيوستراتيجية… هما محكومان بالجوار بما يعنيه من تساكن وتعاون في ملفات حساسة ومصيرية… اسبانيا البلد الكولونيالي قد ترى في المغرب ارث استعماري … والمغرب يرى انه بلد بحمولته التاريخية يسعى الى استعادة دوره كأمة لها شان وتاريخ وحضارة….ظلت اسبانيا تعاكس طموح المغرب في وحدته الترابية لاسباب سياسية واستراتيجية…. بعد خمسة عقود من المهادنة والتسويف… ادرك المغرب ان مثل هذه السياسة تعطي للخصوم مساحة للمناورة والغطرسة … ولم يعد امامه سوى ابراز اوراق الضغط المتوفرة لديه ، والتى كان يتردد في استعمالها تبعا لموازين القوى الدولية…. كثيرون من ناكف المغرب في حقوقه التاريخية…. كانت الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي تصب في غير صالح المغرب ، وكان عليه ان يوازن بين الممكن وما هو فوق طاقته وامكانياته…. كانت الجزائر واسبانيا خصمان اساسيان في معاكسة استكمال وحدته الترابية… وعلى هامشهما وتوابعهما دول صارت في نفس المنحى بالاقتناع ام بالارتشاء السياسي والمالي….
كيف نقرأ انقلاب موقف اسبانيا ؟ هل هو تكتيك … ام قرار استراتيجي….؟
لا يسع الحيز لاستعراض تشنج العلاقات المغربية الاسبانية خلال الثلاث السنوات الاخيرة والتى اظهر فيها المغرب عزما غير مسبوق على مخاطبة اسبانيا بلغة مغايرة ان على المستوى الدبلوماسي او القرارات الفعلية….
في اعتقادي ان اسبانيا وبعد الانقلاب الحاصل في العلاقات الدولية وحرب روسيا وهشاسة النظام الجزائري وصبيانيته في التعاطي مع الثوابت الدولية … ادركت ان المغرب شريك يمكن الوثوق به في اكثر من ملف… ويعول عليه في الالتزامات الدولية وان الاستثمار في العلاقات المغربية الاسبانية يمكن ان يعود على الطرفين بالمنافع بدل التنافر والتعارض… وعليه يمكن قراءة موقف اسبانيا المستجد من قضية الصحراء المغربية موقف استراتيجي وليس تكتيكي..

التعليقات مغلقة.