منقذو السباحة بشواطئ إقليم الجديدة.. مجهودات هائلة يستحقون التشجيع

اش واقع  – جواد المصطفى  

كثير من المصطافين لا يعيرونهم أدنى اهتمام، حتى وهم يرونهم فوق تلك المنصات الحديدية وهم ينظرون جهة المواطنين الذين يسبحون، أو يقفون قبالة اليم المزمجر وفي أفواههم صفارات وملابسهم بلونها الكاشف تميزهم عن بقية رواد الشاطئ.

يشتغلون بشكل موسمي 12 ساعة في اليوم، من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساءً، ونمر بجانبهم دون أن نعيرهم أدنى اهتمام، وكأنهم أو أوانٍ في دولاب البيت، لا نقصدها إلا وقت الحاجة، فيضيع صفيرهم وسط هدير الأمواج وصياحات المصطافين، ولا نبحث عنهم إلا عندما نكون في ورطة حقيقية، فتسمع الجميع يصرخ: “فينا هوما لي متر ناجور؟”.

 ليست هي الإنقاذ فقط، بل التوجيه والإرشاد أيضا؛ لكن الكثير من المصطافين لا يستمعون إلى ما نقول لهم من نصائح تهم حياتهم قبل كل شيء، ويعتقدون أننا نتحدث من فراغ”، 

ثم يزيد المتحدث نفسه: “مشكلتنا تكمن في أن غالبية رواد البحر، سواء من الشباب أو الأطفال، لا يلتزمون بإرشاداتنا؛ فعندما نقول له ابتعد عن هذا المكان لأن فيه حفرة، يقول لنا: أنا سباح ماهر.. ولا يتذكر تحذيرنا إلا بعد أن يكون الوقت قد فات أو أوشك على ذلك”.

ويردف هذا السباح المنقذ بشاطئ  الجديدة وهو يشير بأصبعه جهة البحر: “أنا مثلا مكلف بتأمين هذا المكان بشاطئ ، ومهمتي أن أمنع السباحة قرب ثلاث حفر خطيرة توجد هنا. المصطافون الذين يرغبون في السباحة لا يعرفون هذه الحفر، وأنا أقوم بتحذيرهم من ذلك، وإذا أصر أحدهم على السباحة، أزيل ملابسي وأسبح لأرشده إلى المكان الآمن، حيث يمكنه أن يسبح دون خوف من أن تجذبه التيارات القوية”.

أغلبهم من الفئات الشابة، وهم من أحياء  الشعبية أو من الدواوير المجاورة لمدينة الجديدة عددهم 223 عنصر سباح منقد متفرقين على شواطئ إقليم الجديدة مصطافين، لعلهم ينجحون في إنقاذ روح بشرية، لشخص جرفته التيارات، فيجتهدون لتطبيق تعلماتهم في تدريب الإسعافات الأولية وإنقاذ الغرقى.

“لن تتصور ما يشعر به سبّاح  عندما يتمكن من إنقاذ طفل كاد يموت غرقا، مهما وصفت لن أفلح في ذلك، ولن تتصور أيضا مقدار المشاكل التي نمر منها إذا تأكد أن شخصا ما مات في منطقة مسؤوليتك، إذا ثبت أي تقصير منك أو لم يثبت”، يقول سباح آخر يشتغل بشاطئ  سيدي بوزيد وعينه لا تبرح منطقة مسؤوليته.

ثم يستطرد: “قبل مدة، نجحت بتوفيق الله من إخراج شاب يافع، عمر 16 سنة، كان قد فقد وعيه.. وبعد مجهود كبير ومساعدة مصطافين، استعاد وعيه، وتم إنقاذه، ومن وقتها يعتبرني أهله كأنني فرد منهم، ويدعونني إلى بيتهم وأحضر مناسباتهم كابن لهم”.

من جهته، لا يحفي الشاب محمد، الذي يمارس هذه المهنة الموسمية منذ ثلاث سنوات، فخره بالعمل الذي يقوم به، رغم طبيعة عمل السباح المنقذ الشاق والمحفوف بالمخاطر والذي يفرض عليه مجابهة أمواج البحر الخطيرة قصد إنقاد المواطنين، والتركيز والحرص لمدة 12 ساعة في اليوم، من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء على الإرشاد والتوجيه. يقول إلياس لصحيفة اش واقع tv “هذه المهنة الموسمية تشكل مبعثا على الفخر بالنسبة لي. إنها تتسم بأسمى معاني الإنسانية، فالأمر يتعلق بإنقاد حياة الناس…

التعليقات مغلقة.