“البلوكاج الكروي”

عبر العديد من المهاجرين الأفارقة، بينهم إيفواريين التقيناهم على هامش الألعاب الفرنكفونية التي تحتضنها أبيدجان، عن استيائهم الشديد، وامتعاضهم الكبير، نتيجة شروط نظام الاحتراف، التي تفرضها جامعة الكرة على الآجانب الراغبين في الاحتراف بالبطولة الوطنية. وتساءل العديد، ممن استجوبهم “اليوم 24 “، عن دواعي ما أسموه بـ” البلوكاج الكروي” بحكم أن أي لاعب لم يكمل 10 مباريات دولية مع منتخب بلاده، لن يكون بمقدوره الالتحاق بالبطولة الاحترافية، خصوصا الذين يرغبون في جعل البطولة الوطنية محطة عبور نحو الفردوس الأوروبي، وأضواء الممارسة ببطولات القارة العجوز.
إجراء الجامعة، الذي خرج إلى حيز الوجود بهدف الرفع من مستوى البطولة من خلال التعاقد مع لاعبين محترفين، يحمل في طياته إقصاء للمواهب الشابة الافريقية في حالة عدم استيفائها للشروط المطلوبة، خصوصا الباحثين عن شهادة ميلاد بشمال القارة تمهيدا للاحتراف بأوروبا. الاستياء الإفريقي، شئنا أم أبينا، له دوافعه الموضوعية، والتي يأتي في مقدمتها إقبار المواهب الصاعدة إفريقيا بإغلاق باب البطولة في وجهها، والاقتصار على الاستعانة بخدمات لاعبين دوليين لعبوا قدرا محترما من المباريات مع منتخباتهم، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لطرح العديد من التساؤلات.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، خاصة على المستوى الافريقي بحكم التوجه القاري الجديد للمملكة، هو هل تمتلك البطولة الوطنية ما يكفي من الاغراءات المادية والتقنية لتسيل لعاب نجوم الكرة بالقارة السمراء وتستقطبهم في ظل الصراع المعلن والخفي بين مختلف المدارس الكروية، خصوصا مع السخاء الكبير للفرق الأوروبية والخليجية؟ طبعا لا. توجه الجامعة، بالقدر الذي يحرص على تطعيم البطولة بلاعبين دوليين، فإنه يحرم الفرق من خدمات مواهب قد تصنع الفارق، وتكون وسيلة لتحقيق عائدات مالية مهمة في حالة النجاح في الظفر بخدمات لاعبين موهوبين تصقلهم، قبل الاستفادة منهم ماديا عن طريق تسريحهم، سواء نحو الخليج أو أوروبا. ملاحظة أخرى تطرح، بدورها، العديد من علامات الاستفهام التي تحمل في طياتها الكثير من الاستغراب، وتتمثل في التناقض الصارخ بين ما نسعى إليه من خلال خطوة ” شروط الآجانب” وما سنضيعه نتيجة تهميش المواهب الإفريقية وإغلاق الباب في وجهها سعيا وراء اللاعب الجاهز، والدولي.

جميل أن تفكر الجامعة في تحصين بطولتها، وتحديد هوية ومواصفات اللاعبين الذين سيمارسون فيها من خلال معايير محددة، لكن وجب عليها التفكير، بالموازاة مع ذلك، في الجانب السلبي للمعادلة، لأن لاعبا إفريقيا موهوبا إذا أكمل “كوطة” 10 مباريات دولية فحتما سيختار الوجهة الأوروبية بمختلف بطولاتها، وبعدها الدوريات الخليجية، في وقت سيكون الخيار المغربي آخر ما يفكر فيه لاعب يحمل الصفة الدولية مع منتخبات وازنة كالكوت ديفوار، والسنغال، والكاميرون، ونيجيريا، ومالي، وبوركينافاسو، لنجد أنفسنا، في آخر المطاف، أمام لاعبين دولين باحثين عن تقاعد مريح.

المباراة الأولى للألعاب الفرنكفونية أفرزت لاعبا واعدا ضمن صفوف المنتخب السنغالي لا يتجاوز عمره 17 سنة، يدعى إبراهيما درامي، سارع وكلاء اللاعبين إلى جس نبضه لتأمين التحاقه بإحدى الفرق الفرنسية، في وقت يعتبر فيه لاعبا غير مؤهل للاحتراف بالدوري المغربي بحكم أنه شارك فقط في 5 مباريات دولية مع المنتخب، فهل أدركتم سلبيات الخطوة، وما قد تضيعه علينا؟.

التعليقات مغلقة.